الاحكام القانونية لنفاذ الحكم التحكيمي
الاحكام القانونية لنفاذ الحكم التحكيمي
د. ايناس عبد الهادي الربيعي
تقوم فكرة النفاذ المباشر لأحكام التحكيم ذات الطابع الدولي على أن الحكم يعتبر نافذا داخل دولة التنفيذ بشكل مباشر دون الحاجة الى اعطائه امرا بالتنفيذ من القضاء الوطني في تلك الدولة ، بمعنى انه يجب معاملة الحكم الدولي وكانه حكم وطني صدر من المحاكم الوطنية للدولة المراد فيها التنفيذ، وقد جاءت بهذه الالية اتفاقية واشنطن لتسوية منازعات الاستثمار لعام (1965) التي تضمنت انشاء مركز لتسوية المنازعات الاستثمارية والمعروف بــــــ (ICSID) حيث يقوم هذا المركز وفقاً لنصوص تلك الاتفاقية على الية فريدة في تنفيذ احكام التحكيم ذات الطابع الدولي مقارنة بما جاءت به الاتفاقيات الدولية الاخرى في مجال تنفيذ احكام التحكيم، وقد نصت على هذه الالية الجديدة المادة (54/1) من اتفاقية واشنطن والتي نصت على انه ( تعترف كل دولة متعاقدة بالحكم الذي صدر بناء على احكام هذه الاتفاقية وتضمن تنفيذ الالتزامات المالية التي يفرضها الحكم كما لو كان حكما نهائيا صادر من محكمة محلية، وعلى الدول المتعاقدة التي تتبع النظام الفيدرالي ضمان تنفيذ الحكم عن طريق محاكمها الفيدرالية، وان تلتزم هذه المحاكم بمعاملة هذا الحكم كحكم نهائي صادر من محاكم احدى الدول الفيدرالية )، وبذلك فأن الاحكام الصادرة في اطار هذا النظام تتمتع بميزة النفاذ المباشر أي انها قابلة للتنفيذ في اقاليم الدول المتعاقدة ولا تخضع للرقابة الداخلية لتلك الدول بل تعتبر بمنزلة الاحكام القضائية النهائية الصادرة من المحاكم الداخلية للدولة المطلوب فيها التنفيذ، وبذلك يرى البعض بان نظام النفاذ المباشر الذي جاءت به اتفاقية واشنطن يكفل نفاذ الحكم التحكيمي عبر الدول مما يعطيه طابعا دوليا حقيقيا يمنحه حق الدخول الى الانظمة القانونية المختلفة دون أن يكون لهذه الانظمة حق مراجعته أو مراقبته ، وكل ما يخضع له الحكم من إجراءات هي ذاتها المَّتبعة لتنفيذ الاحكام القضائية النهائية الصادرة في الدولة المطلوب منها التنفيذ .
ونعتقد بان النفاذ المباشر لأحكام التحكيم وفقا لما جاء في اتفاقية واشنطن يعتبر نوعا من التحول في نظام التحكيم الدولي باعتباره قضاءً خاصاً للتجارة الدولية وما يضمنه من تنفيذ سهل وميسر للحكم التحكيمي بعيدا عن تعقيدات القضاء الوطني، كما تجاوزت اتفاقية واشنطن من خلال ذلك حالات رفض التنفيذ المنصوص عليها في الاتفاقيات الدولية وعلى راسها اتفاقية نيويورك لعام (1958) على اعتبار أن تلك الحالات تعد من اكبر معوقات تنفيذ احكام التحكيم ذات الطابع الدولي.
لقد اوردت غالبية الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية حالات رفض التنفيذ ضمن نصوصها مع قليل من الاختلافات التي انفردت بها بعض التشريعات الوطنية مقارنة مع الاتفاقيات الا ان السمة الغالبة والقاسم المشترك بين جميع حالات رفض التنفيذ هو أن هذه الحالات ذات طابع شكلي اجرائي حيث يقوم القاضي الوطني بموجب توفر احداها برفض تنفيذ الحكم الدولي غير المستوفي لهذه المتطلبات دون الخوض في المسائل الموضوعية المتعلقة بمسائل تطبيق الواقع وتطبيق القانون .
الا ان مما يجدر الاشارة اليه الى ان رفض تنفيذ حكم التحكيم الاجنبي او تجاهل الاعتراف بآثاره يتنافى مع الحاجة الى أستقرار التعاملات الدولية ، ومن هذا المنطلق فقد عمدت الدول لأبرام اتفاقيات عدة ثنائية او جماعية والتي يلتزم بموجبها القضاء الوطني للدولة المتعاقدة بالاعتراف بأحكام التحكيم.
وسنعمد في ورقتنا هذه على حالات رفض التنفيذ وفقا لاتفاقية نيويورك لعام 1958 وذلك نظرا لقدم هذه الاتفاقية ولعدد الدول الكبير الذي انظم اليها باعتبارها تمثل المحاولة الدولية الامثل من وجهة نظر الدول التي وقعتها في مجال تنفيذ احكام التحكيم كما أن نصوص الاتفاقية قد اوجدت اثرها الكبير في غالبية التشريعات والاتفاقيات الدولية التي ابرمت بعدها، وبالتالي تتشابه النصوص بين اتفاقية نيويورك من جهة وبقية التشريعات والاتفاقيات من جهة اخرى، ولقد اوردت اتفاقية نيويورك نوعين من حالات رفض التنفيذ الاولى ضمن المادة (5/1) منها والتي القت عبء الاثبات فيها على عاتق الطرف المطلوب التنفيذ ضده في حين اوردت الثانية ضمن المادة (5/2) منها وهي حالات تدخل ضمن اختصاص قاضي التنفيذ يتصدى لها أو يثيرها من تلقاء نفسه، وعليه سنقسم هذا المحور الى جزئيين نتناول في الاول منه رفض تنفيذ الحكم بناءً على طلب الاطراف، أما الثاني فسيكون رفض تنفيذ الحكم من قبل المحكمة ذاتها .
أولا/ رفض تنفيذ الحكم بناءً على طلب الاطراف
لقد اوردت اتفاقية نيويورك في المادة (5/1) منها بعض اسباب رفض التنفيذ والتي تتعلق بعدم صحة اتفاق التحكيم والاخرى تتعلق بالإخلال بالقواعد الاساسية للإجراءات ، وحالات تتعلق بتجاوز المحكمين لنطاق سلطاتهم وحالات تتعلق بعدم تشكيل هيئة التحكيم أو اجراءات التحكيم أما الاخيرة فتتعلق بعدم صيرورة حكم التحكيم ملزما أو كونه الغي أو أوقف تنفيذه بالقانون ، على أن هذه الحالات لا تثيرها المحكمة من تلقاء نفسها وانما يجب أن يتمسك بها الطرف المطلوب التنفيذ ضده وهي كالاتي :-
1- اذا فصلت محكمة التحكيم بدون وجود اتفاقية تحكيم ،او عدم صحة اتفاق التحكيم وبطلانه او انقضاء مدته
لقد وردت هذه الحالة في المادة (5/1/أ ) التي جاء فيها ( 1- لا يجوز رفض الاعتراف وتنفيذ الحكم بناءً على طلب الخصم الذي يحتج عليه بالحكم الا إذا قدم هذا الخصم للسلطة المختصة للبلد المطلوب اليه الاعتراف والتنفيذ دليل على:
أ - أن اطراف الاتفاق المنصوص عليه في المادة (2) كانوا طبقا للقانون الذي ينطبق عليهم عديمي الاهلية أو أن الاتفاق المذكور غير صحيح وفقا للقانون الذي اخضعه له الاطراف أو عند عدم النص على ذلك طبقا لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم ).
ويتضح من خلال هذا النص أن بطلان اتفاق التحكيم وفقا للمسائل التي حددتها هذه المادة فانه يعتبر سبباً من اسباب رفض التنفيذ يجب على المدعى عليه أن يتمسك به بنفسه ، وقد يكون هذا البطلان راجعا الى عدم توافر شرط الكتابة المنصوص عليه في المادة (2) من اتفاقية نيويورك ذاتها أو الى نقص في اهلية احد الاطراف لإبرام الاتفاق أو انعدام اهليته كما يتمثل بطلان اتفاق التحكيم في الحالات التي لا يتمتع فيها الشخص الاعتباري بسلطة ابرام شرط التحكيم أو الزام الجهة الحكومية أو الشخص الاعتباري به ،وان كانت اتفاقية نيويورك لم تورد نصا صريحا بشأن اهلية الاشخاص العامة لإبرام اتفاق التحكيم كما جاء في الاتفاقية الاوربية لعام (1961) واتفاقية واشنطن لعام (1965) الا أن هذه الحالة تدخل ضمن المادة (1/1) من الاتفاقية التي اشارت الى الاحكام الصادرة في منازعات بين اشخاص اعتباريين تدخل في نطاقها .
ولقد وضعت اتفاقية نيويورك قاعدة تنازع قوانين موحدة لتحديد مسألة بطلان اتفاق التحكيم يتم الفصل في ذلك وفقا للقانون الذي اتفق الاطراف على اخضاع شرط التحكيم له فان لم يوجد مثل هذا الاتفاق كان القانون الواجب التطبيق على هذه المسألة هو قانون البلد الذي صدر فيه الحكم ، وقد اعتبر الفقه هذه القاعدة الموحدة انجازا كبيرا لاتفاقية نيويورك بتأكيدها على مبدأ سلطان الارادة وتغلبيه على مبدأ اقليمية حكم التحكيم وذلك عندما اعطت في قاعدة الاسناد الاصل لإرادة الاطراف والاستثناء لقانون البلد الذي صدر فيه الحكم ، كما تشترط اتفاقية نيويورك في المادة (2/2) منها أن يكون اتفاق التحكيم مكتوبا، وقد اوردت شكلين للكتابة اولهما شرط التحكيم أو مشارطة التحكيم الموقع عليها من قبل الاطراف، أما الشكل الثاني فهو اتفاق التحكيم الذي تتضمنه الخطابات والبرقيات المتبادلة بين الاطراف على أن تكون دالة فعلا على نية الاطراف في اللجوء الى التحكيم.
حيث ان الاتفاقية جعلت الرقابة على الحكم التحكيمي عند طلب تنفيذه منوط بالمحكمة العليا لكل دولة متعاقدة حصرا، ويفهم ان المحكمة المختصة بذلك في العراق على سبيل المثال هي محكمة التمييز الاتحادية وذلك لضمان سرعة تنفيذ الحكم من جهة وعدم خضوع الحكم الصادر من محكمة التمييز بإضفاء الصيغة التنفيذية من عدمه لجهة طعن اخرى من جهة ثانية، وهذا الحكم الذي اوردته الاتفاقية غير موجود في الاتفاقيات السابقة بما يشكل خطوة مهمة نحو فاعلية ونهائية حكم التحكيم.
ان الاتفاقية قد حددت سبب وحيد لرفض الحكم التحكيمي عند طلب تنفيذه وهو مخالفة الحكم للنظام العام وبالتالي فلا يجوز رفضه لأي سبب اخر وهذا ايضا قد جاء على خلاف بعض الاتفاقيات السابقة التي حددت اسباب عديدة لرفض التنفيذ.
ومن الجدير بالذكر ان الاتفاقية لم تسمح للقضاء بمراجعة الحكم التحكيمي وإبطالهِ في أي دولة من الدول وانما فرضت رقابة داخلية على الحكم من خلال نص المادة (34/1) منها بان من يريد ابطال الحكم ان يتقدم بطلب الى رئيس المركز التحكيمي اذا توافرت اسباب معينة حددتها تلك المادة، وهذا بدوره موقف متقدم بالنسبة للاتفاقية ويقترب كثيرا من موقف اتفاقية واشنطن لعام (1965) من الزامية ونهائية الحكم التحكيمي.
دون ان يفوتنا الذكر ان أساس التحكيم هو الاتفاق وهو ما يجب توافقه مع كافة الاجراءات العملية للتحكيم فإذا لم تتوافر جميع العناصر الشكلية والموضوعية للازمة لصحتها والا يكون اتفاق التحكيم باطلا، دون ان يفوتنا ذكر ان انقضاء مدة الاتفاقية يعد انتهاء الاجل المحدد لإصدار حكم التحكيم حيث يمكن للطرف المتضرر الطعن فيه.
2- مخالفة تشكيل محكمة التحكيم او تعيين المحكم الوحيد للقانون
أنطلاقا من مبدأ أجترام الارادة يتوجب مراعاة توجه أرادة الاطراف في تشكيل هيئة التحكيم بأن لا يخرج عن النطاق المتفق عليه سواء كان ذلك متعلق بالشرط التحكيمي او مشارطة التحكيم او أشتراط صفات معينة يجب توافرها في المحكم وبما يترتب عليه بطلان حكم التحكيم عند مخالفة تلك الشكلية وعدم الالتزام بها.
3- فصل محكمة التحكيم خلافا للمهمة الموكلة إليها
وهو ما يضعنا أمام تقيد المحكمة بالفصل في المنازعة وأصدار الحكم فيها بحدود المهمة الموكلة اليها وبما لا يتضمن تجاوز تلك المهمة وأصدار حكما خارج نطاق المهمة الموكلة لهيئة التحكيم لإدائها.
4- عدم مراعاة مبدأ الوجاهية
وهو ما يعني عدم مراعاة مبدأ العلانية في تقديم المستندات والدفاع وبما يسمح بإمكانية المناقشة الفعالة من قبل الاطراف وهو ما يسمح بتوافر فرصة الحصول على المعلومة بصورة متساوية بين الاطراف والمحكمين على حد سواء حيث لا يتيح عدم مراعاة مبدأ الوجاهية أصدار الحكم بالنسبة للمحكمين الا بعد ان تكون جميع وسائل الاثبات قد قدمت للاطلاع عليها من قبل أطراف النزاع ، حيث ان عدم مراعاة ما تقدم يعد خرقا لقاعدة أجرائية جوهرية ومن النظام العام وخرقا للحق في الدفاع والذي يعد من الحقوق الاساسية والمعتبرة في كافة الانظمة على الصعيد الداخلي او الدولي على حد سواء.
5- عدم تسبيب المحكمة لحكمها او وجود تناقض في التسبيب
وهو ما يعني ان يكون حكم التحكيم مسببا وغير متناقض في تسبيبه وبما يدرج في منطوق الحكم.
ثانيا / رفض حكم التحكيم من قبل المحكمة
لقد اشارت اتفاقية نيويورك الى حالات رفض تنفيذ الحكم التحكيمي من قبل المحكمة ذاتها ومن دون حاجة الى تمسك الطرف المحكوم ضده بها حيث نصت المادة (5/2) منها على انه ( يجوز للسلطة المختصة في البلد المطلوب اليها الاعتراف وتنفيذ حكم المحكمين أن ترفض الاعتراف والتنفيذ إذا تبين لها:-
أ / أن قانون ذلك البلد لا يجيز تسوية النزاع عن طريق التحكيم .
ب / أن في الاعتراف بحكم التحكيم وتنفيذه ما يخالف النظام العام في هذا البلد ).
ويلاحظ أن اثبات أي من هاتين الحالتين لا يقع على عاتق أي من اطراف التحكيم وانما يدخل ضمن مهام المحكمة المطلوب منها تنفيذ حكم التحكيم غير الوطني وعليه سوف نتناول اولا عدم قابلية حل النزاع عن طريق التحكيم وثانيا مخالفة الحكم للنظام العام في دولة التنفيذ .
1-عدم قابلية النزاع للحل بطريق التحكيم
يتمثل السبب الاول من اسباب رفض تنفيذ الحكم الذي يجوز للمحكمة المطلوب منها التنفيذ أن تتمسك به من تلقاء نفسها في عدم قابلية النزاع للتحكيم الذي اشارت اليه المادة (5/2/أ) من اتفاقية نيويورك ويرجع في تحديد مدى قابلية موضوع النزاع للتحكيم الى قانون الدولة المطلوب منها التنفيذ وفقا لما نصت عليه الاتفاقية ، ونعتقد أن هذا السبب من اسباب رفض التنفيذ منتقداً لكونه يعطي محاكم الدولة المطلوب منها التنفيذ سلطات واسعه في رفض تنفيذ احكام التحكيم الدولية وفقا للمفهوم الذي تتبناه تلك الدولة وحدها فيما يتعلق بالمسائل التي يجوز التحكيم فيها من عدمه .
2- اذا كانت الحصانة القضائية للدولة تمثلا حقا او رخصة قررها القانون العام للدولة او لأجهزتها العامة التابعة لها
فهي من جهة اخرى تمثل مانعا من موانع تنفيذ احكام التحكيم الدولية، وقد رجحنا ان دخول الدولة في عقد يتضمن شرط تحكيم مع اشخاص من القانون الخاص يعد تنازلا ضمنيا منها عن حصانتها القضائية والتنفيذية معا.
3- رفض تنفيذ أحكام التحكيم وفقا للاتفاقيات الدولية
لقد وضعت معظم الاتفاقيات الدولية حالات لرفض تنفيذ احكام التحكيم و بالأخص اتفاقية نيويورك، حيث تماثل تلك الحالات الواردة في ظلها اسباب البطلان المنصوص عليها في التشريعات الوطنية، ولكن سميت بحالات رفض التنفيذ نظرا لان اتفاقية نيويورك الخاصة بتنفيذ احكام التحكيم الصادرة في دولة ويراد تنفيذها في دولة اخرى.
ومن كل ما تقدم يمكننا ان نوصي بالتالي:
1- يجب ان يكون تنفيذ احكام التحكيم بشكل رضائي من جانب الطرف المحكوم عليه نظرا لكونها الطريقة المثل والاسهل كما انها تتلائم مع الفلسفة التي يقوم عليها التحكيم باعتباره نظاما يعتمد بالأصل على مبدأ سلطان الارادة.
2- الاخذ بأسلوب الامر بالتنفيذ (في حالة التنفيذ الاجباري) كأحد الانظمة المتبعة من قبل الدول ذات الاتجاه اللاتيني لكونه الاسلوب الاكثر ملائمة في تسهيل عملية تنفيذ احكام التحكيم.
3- تحرير حكم التحكيم الدولي من رقابة القضاء الوطني في الدولة المطلوب منها التنفيذ وذلك من خلال اتباع نظام المراقبة، أي التحقق من توافر الشروط الشكلية الخارجية للحكم من دون اعادة النظر في الموضوع .
5- تعديل قانون تنفيذ احكام المحاكم الاجنبية في العرق رقم (30) لعام (1928) حتى تكون نصوصه واضحة في مدى امكانية شمولها لتنفيذ احكام التحكيم الدولية في العرق ام اقتصارها على الاحكام القضائية الاجنبية.
6- النص صراحة على تنازل الدولة عن حصانتها القضائية والتنفيذية معا عند ابرامها لاتفاق تحكيم مع طرف من القانون الخاص حتى لا يكون ذلك ذريعة للدولة يمكن التمسك بها في رفض تنفيذ احكام التحكيم الصادرة ضدها او ضد احد مؤسساتها العامة.
7- الانضمام الى الاتفاقيات الدولية المهمة في مجال تنفيذ احكام التحكيم وخاصة اتفاقية نيويورك لعام (1958) للدول غير المنضمة اليها مع الاشارة لكون العراق احدى الدول المنضمة للاتفاقية بموجب القانون رقم (14) لسنة 2021 نظرا لأهمية تلك الاتفاقية وكثرة الدول المنظمة اليها حيث تسيطر تلك الدول على معظم الاستثمارات الاجنبية وتهيمن على قطاع التجارة الدولية في العالم.
8- ابرام المزيد من الاتفاقيات الثنائية والانضمام للاتفاقيات الجماعية وخاصة مع الدول التي لها مصالح واستثمارات في العراق من اجل تيسير تنفيذ الاحكام الصادرة بناء على أي خلاف يثور مستقبلا ،ومثال ذلك انضمام العراق في عام (2012) الى اتفاقية واشنطن لعام (1965).
9- ونقترح اخيرا فيما يتعلق بتنفيذ احكام التحكيم الدولية اعطاء سلطة التنفيذ الى هيئة التحكيم بشكل مباشر، أي ان تقوم تلك الهيئة بإضفاء الصيغة التنفيذية على الحكم بعد صدوره، ولكن نظرا لعدم تمتع هيئة التحكيم بصفة الالزام كما هو الحال بالنسبة لقضاء الدولة فان وسيلتها لإجبار الاطراف على التنفيذ تكون عن طريق تقديم ضمانات معينة كان تكون على شكل خطابات ضمان باسم الهيئة حتى لا تكون تلك الضمانات مرهقة للاطراف، فتتولى هيئة التحكيم تعويض الطرف المحكوم لصالحه كما تقوم باستقطاع المصاريف الازمة للتحكيم، حيث تنسجم هذه الادارة في التنفيذ مع الفلسفة التي يقوم عليها نظام التحكيم ما دام مصدرها ارادة الاطراف كما انها تعمل على تحرير حكم التحكيم من سيطرة القضاء الوطني في الدولة المطلوب منها التنفيذ.