نشاطات المركز

تحت اشراف

رابطة العلم نور للتنمية الاجتماعية

مركز وطن الفراتين للدراسات الاستراتيجية

ومركز الارشاد للعتبة الحسينية

الندوة العلمية تحت عنوان

 

المحور الأول / تمكين المرأة من المنظور القراني

 

محاضرة للدكتورة / امال علي الموسوي                                

بعد ما اصبح مفهوم تمكين المرأة من المفاهيم الشائعة ، حيث يرتبط هذا المفهوم بمنظومة المفاهيم الإسلامية الأخرى ولم نجد جدلية مستنيرة  في مفهوم تمكين المرأة وفقا للشريعة الإسلامية ،  لا يزال مفهوم تمكين المرأة يثير العديد من الجدل والنقاش لا سيما وان لهذا المفهوم وجهات نظر ثقافية مختلفة  ، ومن منظور معرفي الى آخر، فمفهوم تمكين المرأة يختلف في الرؤية  المعرفية بين التشريعات الغربية والتشريعات  الإسلامية ، حيث تعالت الأصوات المنادية بإعطاء التمكين للمرأة في كافة مناحي الحياة لاسيما اقتصاديا واجتماعيا  ، لتتغلب المرأة في الصراع على الرجل الذي يحكم العلاقة بينهما وفقا للثقافة الغربية الا اننا نرى ان فلسفة تمكين المرأة يمكن ان نجعلها  مشروع بناء  وإصلاح للأسرة بشكل خاص وللمجتمع بشكل عام ، بالرجوع الى المفاهيم القرآنية واهل البيت (ع)  فهم الأساس في المنظومة القانونية .

فهي النواة الأساسية للاسرة والمجتمع ، ولابد ان يكون لهذا التمكين نزعة شرعية  لا نزعة غربية ، فهي القادرة على التفكير بموضوعية في المواقف التي تحتاج الى إحداث تغيير وذلك من خلال معرفتها الدينية والامتثال لاحكام القران الكريم  واهل البيت (ع)

اما ما جاء به هذا مشروع تمكين المرأة  لدى الغرب كان هدفه تدمير ما تبقى من احكام الإسلام في المجتمع لا سيما ما يتعلق بالأسرة ، حيث أرادوا بهذا التمكين للمرأة هو التحكم التام في نفسها وجسدها وعفتها والذي يتحقق من خلال تعديل المنظومة القانونية بحيث يصبح من حقها ان تخرج وتعمل وتسافر بدون الحصول على إذن زوجها ، وتتزوج ما تشاء بدون إذن وليها ، وإلغاء القوامة عليها وان تستقل بكل قراراتها  استقلالا تاما دون الاخذ  بقرار الزوج ، وهذا كله مخالف لأحكام الله سبحانه وتعالى .

فالسوال هنا : 

1-   هل تمكين المراة يقصد به المساواة بي المرأة والرجل  / المساواة في بعض المسائل  التعلم

في بعض الواجبات الصلاة الصيام الزكاة

2-   ام هو تحقيق العدالة بين المراة والرجل وليس استقواء  او صراع المراة على الرجل  

3-   ام هو تفعيل دورها من خلال غرس الوعي الوعي والادراك في مجتمعها الاسري 

4-   ام اعطاءها حقوقها بما أراده الشرع والقانون  لان المرأة هي عنصر البناء والتنمية والثقافة من اجل سعادة الاسرة والمجتمع ، فهي النموذج الإيجابي المشّرف ليس للنساء فحسب بل للبشرية كلها ، وتمكين فاعليتها في  ترسيخ المفاهيم الإسلامية وإيجابيتها في طريقها في التفكير وفي إدارة المواقف، لتمكين المرأة من زيادة وعيها المعرفي والديني ، على اعتبار التمكين يؤدي الى شعور أفضل بقيمة الذات، يهدف الى الكشف عن اليات جديدة للنهوض بدور المرأة وفقا للمفاهيم القراني

5-    وهل واجه هذا التمكين تحديات  ؟

فلابد من بيان مفهوم او تعريف تمكين المرأة ليتسنى لنا بعد ذلك الإجابة على كل التساؤلات .

 يعرف التمكين بانه: "بيان حقوق المرأة المشروعة ، وتسهيل الطريق لمزاولتها منها"

كما يقصد به هو دور المرأة واعتمادها على نفسها لمواجهة ما يحيط بها من مشكلات لجعلها عنصرا فعالا بشكل قوي في إحداث التغييرات الإيجابية.

ومن الضروري تفعيل وتمكين المرأة لدورها  وقدراتها بشكل اكثر إيجابية وانتاجية ، ويفضل تمكينها معرفيا وثقافيا لا سيما تمكينها اقتصاديا او اجتماعيا ، ويا حبذا لو ننشئ لها مسار يتفق مع هويتها وثقافتها الدينية الاصلية وان تبتعد كل البعد عن النموذج الغربي السيء ، فالمرأة المسلمة المتمسكة بمكانتها التي خصها الله لها لا تقبل ان تنجرف نحو الأفكار المنحطة التي يقلل من قيمتها ومكانتها.

اذن هو "تطوير مكانتها معرفيا في المجتمع من النواحي الدينية ، الاجتماعية ، الثقافية ، والسياسية  بحيث تصبح المرأة بموجبه قادرة على تنظيم انفسهن لزيادة الاعتماد على الذات ، وتأكيد حقهن في اتخاذ خيارات مستقلة ، وهو أساس النهوض والتقدم والرقي للمجتمع".

او يمكن ان يعرف بانه ( تمليك المرأة لعناصر القوة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لتمكينها من التأثير في العملية التنموية للمجتمع ) فتمكين المرأة هو عملية بناء قدرة المرأة على ان تكون معتمدة على ذاتها ، وان تنمي شعورها بالقوة الداخلية والاستقلال  الذاتي، والقدرة على الإدارة والقيادة وإمكانية اتخاذ القرارات ، والخروج من دائرة التهميش الاجتماعي واللامبالاة 

حقوق المرأة في الإسلام:

لقد كرم الإسلام المرأة وأعطاها حقوقا كانت تفتقدها قبل الإسلام ، وجاء الإسلام على أساس العدل بين الناس ، وقد أوصى الله في القران الكريم بالمرأة وانزل الآيات والاحكام ، فكان اعجازا تشريعيا يشير الى حقوق المرأة ، ويحافظ على هذه الحقوق

وقد جاءت الآيات القرآنية والاحاديث في السنة النبوية وعند أهل البيت لتمثل إعجازا تشريعا في حقوق المرأة وواجباتها ، وأوصى برعايتها ، وحرم ظلم المرأة والانتقاص من شأنها ، بل ساوى الرجل مع المرأة في عمل الطاعات ، والثواب عليها ، ويحاسب كل من يؤذيها او يتجاوز عليها وقرر العقوبات والحدود على من يقتلها ، أو يقذفها .

كما ان جاء الإسلام الذي بين حقوق المرأة السياسية والاجتماعية والاقتصادية ، وفق شريعة سماوية حفظت للمرأة المسلمة كامل حقوقها ، ومع مرور الزمن وتغيير الظروف وتقدم الحضارة ، حيث واجه دورها تحديات كثيرة لا سيما الأفكار الغربية التي تريد بالمرأة التردي والانحطاط .

تمكين المرأة من منظور قرآني:

ونجد مصداق ذلك في الآية الكريمة: "الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة" ، وكما في قوله تعالى أيضا: "قال ما مكني فيه ربي خيرا" (1) ، وتشير الى ان الله تعالى خلق الانسان مزوداً بالقدرات التمكينية والعقلية ،  سواء رجل و امرأة  متسلحا بالعلم والمعرفة.

مما يدل على تمكين المرأة اهتمام الإسلام بها منذ طفولتها باختيار أحسن الأسماء لها ، واكرمها اذ صارت أماً فأوصى بالوالدين إحساناً ، وقرنها بعبادة الله ، وقال تعالى: "وقضى ربك الا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين احسانا إما يبلغن عندك الكب أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما..."

القران الكريم بالذات جاء بآيات واحكام صريحة يحث بها المرأة كما الرجل ، على تحطيم الاضطهاد بكل اشكاله ، فيجب ان يكون تمكينها ان يدفع بالمرأة دفعا الى التصدي لكل من يغبن حقوقها  وتتسلح بالجرأة والشجاعة في كل ما تتعرض له من انتهاك حجابها وانقيادها الى للشيطان ، فيجب ان تكون فاعلة بالوعي والالتزام الديني.

فالتمكين في المنظور المعرفي القرآني أبعد ما يكون عن الصراع بين الرجل والمرأة بل ينصرف معناه الى عموم الانسان ذكرا كان او انثى ، فوحدة الخطاب واحدة لم ميز بين تمكين الرجل او تمكين المرأة ، فالتمكين في القران يحمل دوما معاني إيجابية ، بمعنى أخر ان تمكن الانسان من إقامة العدل والخير في الأرض ولا يحمل معاني استقواه او صراع .

ومما يلاحظ على المرأة في المجتمع الإسلامي تدريجيا بدأت تنطفأ  لديها التوهج الإيماني والالتزام بما فرض الله عليها ، فلابد من وضع مفهوم لتمكين المرأة بدلا من التمكين الغربي المنحل الذي يريد اقتلاع المرأة من دينها وحجابها باسم الحرية الشخصية، وان تتنازل عن كل مقدساتها التي أراد الله بها حفظها وعفتها وكرامتها ،والتأثير والهيمنة على معتقداتها ومنظومتها القيميّة.

لا يخلو من التحديات ويشمل اهداف كثيرة منها ما يتعلق بحقوق المرأة وكيفية مساهمة الاليات الوطنية في التمكين السياسي ، الاجتماعي والاقتصادي للمرأة 

توصيات لابد منها

فالرؤية الإسلامية لتمكين المرأة ان تعمل على توظيف طاقاتها وحشد إمكانياتها ليس من اجل الشهرة  والمادة ، وحب الظهور في المجتمع،  والتخلي عن حجابها والتزامها الديني  فحسب ، ولكن من اجل عملية التغيير والتدبير والتنوير والإصلاح الاسري والاجتماعي .

ندعو دعوة صريحة الى ضرورة إحياء مفاهيم ومبادئ الإسلام فيما يتعلق بحقوق المرأة ، فعملها خارج البيت حقاَ لها وضرورة اقتصادية ولكن يجب ان تكون في حدود ما شرع الله لها .

دورها في شبكات التواصل الاجتماعي فليكن لديها صفحة تبث فيها  مفاهيم إسلامية وتربوية تستهدف بها الشابات والمراهقات لتعمل على تغير ما امكن تغيره ،  دورها الفاعل البنّاء في التربية والتعليم لا غير .

ولا نؤيد ولا نحبذ  تمكين المرأة  في الانقياد غير الواعي لمشاريع مثيلاتها في الغرب ، لقد منحها الله حقوقا مثل التعلم وحرية اختيار الزوج وحق الإرث فهي مساوية للرجل وحق العمل وحق تحديد المصير وساواها مع الرجل في مواضع اخرى وفضلها في مواضع .

فحقاً كانت الشريعة الإسلامية عادلة بما وفرته للمرأة من رعاية وامان في أسرة كريمة ، على الرغم من ان المرأة كيان عاطفي الا انها تمتلك قدرات خاصة  عقلية وجسدية

فالحضورها  وفقا للمفاهيم القرآنية تكون  متألقة بشكل عام فالمرأة تعكس الفكر الإسلامي المعاصر في كافة مجالات الحياة.

..................................................................................................................................................................

(1)  سورة الكهف ، الاية 95 .