الحيتان الداخلية.. عائق دائم امام التغييرات الجذرية
حسين الاسدي ، صحفي
التساؤل العام:
كيف يمكن اصلاح منظومة عمل بنيت على بعض الاسس الخاطئة وسيطر حيتانها على اهم مفاصلها؟
يقيناً ان البدايات اعتمدت الفوضى تحت مبرر (جيب ربعك خنبلش) حتى استطاعت بعض الشخصيات من اجتياز مرحلة وضع حجر الاساس ولكنها خسرت اعظم قيمة لديها "تفعيل مبدأ الثواب والعقاب" وبالتالي الموت السريري لقانون محاسبة المسؤول حتى اصبحت الاحزاب المطالَبة والمطالِبة بالاصلاح والتغيير هي مثالا مصغراً لحكومة غاب عنها قانون محاسبة المسؤول وبقيت دساتيرهم وانظمتهم وقوانينهم الداخلية تحاسب الطبقات الدنيا دون اكتراث لمعالجة القضية الاكبر وقطع رأس الافعى.
تحديد المشكلة:
قيادة أسست فوضعت ثقاتها في مواقع حساسة لاستلام زمام الامور ولكن الصدمة انها اكتشفت حقيقة من سنمتهم مقاليد العمل بعد ما (وكع الفاس بالراس) واصبح هؤلاء حيتانا ليس في المال فحسب بل حيتان المعلومات والاسرار، فعلى الرغم من صحوة القيادات العليا(السليمة موقفا) الا انها ادركت استحالة التغيير الجذري في اهم مفاصل العمل وكما سقطت كل محاولات التغيير التي قادها الكثير ممن كان يشعر بمسؤولية ما تجاه المشروع تاركا في ذهنه تساؤلا كبيرا:
كيف لحملات تغيير عظيمة خطط لها بدقة ان تبوء بالفشل!!؟؟
وبعد التدقيق والمتابعة فأسدل الستار عن اهم الاسباب التي تعطل عمل اكبر منظومات التغيير الداخلي وهو وجود الحيتان الذين يعرفون ان التغيير والتصحيح يخرجهم من دائرة السيطرة وتبوء مخططاتهم بالفشل وسيكونوا اول المفلسين بخسارة مواقعهم التي تسنموها لسنوات.
ولذا لابد للقيادة من الخروج من الصندوق لان استخدام ذات الطرق والاساليب في التغيير وخلق بيئة صراع داخلية بين من يعملون للتغيير وبين الحيتان ينعكس سلبا على واقع المشروع دون تحقيق اي هدف بل نلاحظها انها تقع في مشكلة الاستنزاف المالي والبشري(الكفاءات) ولذا تطلب الامر حلاً اخراً.
المعالجة:
يمكن للقيادة اتباع سبيلين:
الاول : هو الصدام المباشر بالاقصاء والتنحي وتحمل مسؤولية ردود الافعال، وهذا قد يضع القيادة امام مواقف حساسة.
الثاني: تأسيس الرديف
وهنا لابد للقيادة العليا ان تعمل على تأسيس الرديف او البديل آخذة الفكرة من ذهاب بعض الدول لتأسيس مدنٍ جديدة خالية من التلوث، لصعوبة امكانية احداث تغيير كبير في المدينة القديمة، فيصنع الجديد بنظام متكامل بدون هفوات ولا يسمح لاختراقه مهما كلف الامر.
فعلى من يروم التغيير دراسة ما اذا كان التغيير ممكناً او غير ممكن؟ ووضع استراتيجيات للتعامل مع الواقع القائم قبل حدوث الازمات، ولطالما تعودت القيادة العراقية في مختلف مفاصل العمل ان تواجه في الوقت الضائع فلو اخذنا مثالا لمرشح حصل على ١١ الف صوت في انتخابات ٢٠١٨ وكان يملك اكبر الفرص واعظمها حتى اضمحلت فاستنزف مالياً في انتخابات ٢٠٢١ وحصل على نفس العدد من الاصوات كونه يستخدم الادوات والاساليب ذاتها، فكيف سيواجه اهم مخاطر الدورة الانتخابية القادمة؟
"اقتصاد الافراد"عنصراً اساسيا للتخلص من التساقط الجماهيري
كافة الجهات المعتمدة على ان "الجمهور عنصراً اساسيا في تحقيق اهدافها" تعاني بشكل كبير في كيفية الحفاظ عليه من التساقط وبالتالي قلة اعداد الجمهور مما يعني فشل تحقيق الاهداف، ولو اخذنا نظرة سريعة حول الاليات المتبعة في الحفاظ على الجماهير لوجدنا ان العامل المشترك بين الجمهور وهذه الجهات هو عامل الفائدة الشخصية وعادة ما تكون مادية وهنا توجد عقبة اخرى وهي عدم امكانية الجهات على توفير مبالغ مالية تغطي رواتب ومكافات لالاف الجماهير، واذا ما ارادت ان تضع حلولاً اقتصادية فهي تقف عند عدم امكانية وجود مشروع بتكلفة مالية مناسبة يكون سببا لمعالجة هذه الازمة، وهنا ياتي دور العلم والتطور وما وصلت اليه المشاريع الاقتصادية في طرح الحلول البديلة او الرديفة ايضا تحت عنوان "مشاريع الشراء لمرة واحدة" والتي تعمل بنظام تدوير الاصول المالية لتشغيل الاف الناس وبالتالي استثمار هذه الفرصة لتحقيق الاهداف المرجوة.
فلذا لابد من الالتفات الى ان الحلول التي يبحث عنها الاغلب الاعم للحد من الاستنزاف المالي والبشري والسيطرة على الجماهير من خلال تقديم فرصة عمل تكون سببا لتدوير الاصول المالية فهي متوفرة ولابد من البحث عنها استعدادا للتغيير الحقيقي في اليات واساليب العمل.
حسين الاسدي
١٣/٣/٢٠٢٢