شهد الوقت الحاضر تصرفات ترد على الجسم البشري سواء كانت ناقلة للملكية ام غير ناقلة ، ومن التصرفات غير الناقلة للملكية وهو (اجارة الرحم )،الذي اثار الشك في مدى مقبولية ومشروعية هذا التصرف ، على اعتبار أن هذا التصرف لا ينقل الملكية وانما يرد على الانتفاع بالعضو البشري سواء كانت هذه الأعضاء غير متجددة مثل الرحم ، والكلى ، والبنكرياس أو كانت الأعضاء متجددة كالدم ، والجلد ، والبيضة المخصبة وغير المخصبة .
وهذا النوع من التصرف يعد احدى الوسائل المعتمدة في حل بعض المشاكل التي يعاني منها الافراد ، فالانتفاع بالأعضاء من الموضوعات الحديثة التي اثارت جدلا فقهيا وقانونيا وشرعيا ، الا ان المشرع العراقي اغفل اعطاءها عناية تشريعية لتصاحب التطورات الطبية ، فالبحث في هذه المسائل بجدية بغية الوصول للحلول التي تساعد على جعل هذه التصرفات مشروعة ، بالاعتماد على بعض النصوص القانونية ، فالرحم هو احد الأعضاء غير المتجددة في الجسم وابرز تصرف قانوني يرد عليه هو الإجارة فيمكن الانتفاع به من دون نقله الى جسم آخر، وتعرف اجاره الرحم بأنها ( عقد تتعهد بمقتضاه امرأة بشغل رحمها بأجر أو بدون أجر بحمل ناشئ عن نطفه امشاج مخصبة صناعيا لزوجين استحال عليهما الانجاب لفساد رحم الزوجة ) هو تصرف من خلاله يتم قبول امرأة بتأجير رحمها بمعنى ان تحمل بويضة مخصبة صناعيا للغير وبالتالي تحمل جنينا وتسليمه الى المرأة الأخرى التي تم التعاقد معها وتسليمه عند الولادة مقابل اجرة متفق عليها ، فهذا النوع من التصرف يحيطه الغموض لانه تصرف غير منظم ، فالتصرف بالرحم عن طريق ايجاره له مسميات عديدة منها أمهات بالوكالة ، الام البديلة ، الحمل لحساب الغير ، فالغاية الأساسية من هذا التصرف هو مساعدة امراة لا يمكنها الانجاب بالصورة الطبيعية ولا بالتقنيات الحديثة فالدافع هو التضحية مقابل الحصول على اجر وبما انه لا يخالف النظام العام ولا الآداب العامة، فالقانون المدني العراقي يخلو من موقف صريح ومباشر بشأن هذا العقد ولكن يمكن الرجوع للقواعد العامة ومن أهمها المادة الأولى التي نصت على انه (.....2- فإذا لم يوجد نص تشريعي يمكن تطبيقه حكمت المحكمة بمقتضى العرف فاذا لو يوجد فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية الأكثر ملائمة لنصوص هذا القانون ..)،فضلا عن الرجوع الى القانون الخاص المتعلق بعمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها رقم (11) لعام 2016 النافذ في المادة (2) التي تضمنت نص العبارة ( تحقيق مصلحة علاجية راجحة ) لحالات المرض ( عدم الانجاب ) التي تعاني منها شريحة مهمة في المجتمع ، وعليه ينبغي على المشرع العراقي تنظيم موضوع التصرف غير الناقل للملكية ومنها اجارة الرحم التي بدأت المستشفيات العامة والخاصة تشهد اجراء مثل هذه التصرفات .
اما اثار هذا التصرف ، فالزوجان هما الطرف الأول في العقد اما الطرف الثاني هو المرأة مؤجرة الرحم ، فعلى الطرف الأول الالتزام بتحمل نفقات العقد كافة من دفع الأجرة كاملة والالتزام بمصروفات الفحوص الطبية ومصاريف عملية الولادة كذلك الالتزام بتسَلم المولود اذ ليس لهم الامتناع عن هذا الالتزام فيما اذا كان المولود طبيعي ام كان معاقا أو مشوه ،اما التزام الطرف الثاني هي قبول صاحبة الرحم بزرع البويضة المخصبة في رحمها والالتزام بكافة الارشادات الطبية كما يجب ان تكون مؤجرة الرحم خالية من أي جنين يعود لها او لغيرها، كما يجب عليها تسليم المولود الى الزوجين وعدم امتناعها عن ذلك بالإضافة الى كل ما ذكر من التزامات لابد من التزام مهم يتمثل بالحفاظ على سرية التصرف متى طُلب الطرف الأول منها ، اذن يتضح لنا ان مشروعية التصرف غير الناقل للملكية الواقع على الرحم من حيث اجارته لا يلاقي رفضا من الناحية القانونية والشرعية بل قبولا صرحت به بعض القوانين ونظمته ووضعت له ضوابط والتزامات وحقوق من خلال العقد بين اطرافه .