وبالعودة لقرار المحكمة وتعديلها لنص المادة اعلاه كأحد تطبيقات أعادة صياغة النص التشريعي والذي يعد فنا قائما بذاته يرتبط بجملة من الضوابط والتي تقع في مقدمتها حسن الصياغة وسهولة التطبيق وأمانة التعبير عن الارادة السياسية ، اذ اثبتت التجربة ان عدم توخي الدقة والوضوح اللازمة يؤثر تبعا على امكانية نفاذها وتحقيقها للغرض الذي سنت من أجله، فالصياغة التشريعية مرتبطة بمنهجية تتمثل بقياس الاثر التشريعي ومدى ملائمته لمواجهة القصور التشريعي والنتائج المحتملة له ، وهو ما ينعكس على نجاح التشريع وملائمته للغرض الذي وضع من أجله ، وهو ما يظهر لدى أعادة تقييمه بعد نفاذه ومراجعة مدى الحاجة الى أعادة النظر فيه تعديلا وإلغاء بما يتلائم مع واقع المجتمع .
لذا يعد النص الذي يصرح بعدم دستوريته لاغيا من تأريخ نشر القرار بحجية مطلقة ونهائية غير قابل للطعن ملزما للسلطات كافة ، اذ نصت المحكمة الاتحادية العليا في معظم قراراتها بعدم رجعيتها مع ملاحظة ان المحكمة في القرارين (43و44/ت/2010 ) في 12/7/2010 قضت بعدم دستورية القانونين بإلغائهما والغاء الاثار المترتبة عنهما بأثر رجعي ، البتات يحمل معنى القطعية بعدم قبول دليل ينقض حجية تلك الاحكام وهو من دواعي تطبيق مبدأ الامن القانوني والاستقرار في المعاملات.
زمن وجهة نظرنا بأن المحكمة الاتحادية العليا فان مهمة المحكمة الاتحادية العليا ليست الرقابة على دستورية القوانين بل البت بدستورية القوانين المطعون بعدم دستوريتها ، كما ان القاضي الدستوري اذا ما تصدى للقانون الغير دستوري فهو لا يكون خصما في الدعوى بل هو مدافع عن الدستور وحاميا للقانون وتصرفه هذا نابعا من حماية المصلحة العامة، فهو لا يرتجي مصلحة خاصة او نفع شخصي فهو مراقب للمشروعية لذلك له الحق في التصدي للقوانين غير الدستورية ، ومن هذا المنطلق ندعو المحكمة لممارسة دورها بالرقابة على دستورية القوانين دون الاكتفاء بالبت بالدستورية والذي هو أضيق نطاق من الرقابة التي تكون مرهونة بالطعن بعدم دستورية قانون ما بمناسبة نظرها في دعوى ما لنكون امام رقابة فعالة على غرار الدول المقارنة العاملة بمبدأ الرقابة على دستورية القوانين ومنها الرقابة على الامتناع التشريعي.