هل الغاء شرعية حرب ٢٠٠٣ تمهيدا لاخرى؟

المقالات
حسيني الاطرقجي/ صحفي وباحث
مركز وطن الفراتين للدراسات الاستراتيجية
بتاريخ 12 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2002، سلمت الحكومة العراقية للامم المتحدة موافقتها الرسمية على قرار مجلس الامن الدولي المرقم 1441 الخاص باستئناف عمليات التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل العراقية.
وجاءت الموافقة العراقية، التي سبقت الموعد النهائي لها بيومين، في رسالة وجهها وزير الخارجية العراقي ناجي صبري الى الامين العام للأمم المتحدة كوفي أنان والاعضاء الخمسة عشر في مجلس الامن. وقال سفير العراق لدى الامم المتحدة محمد الدوري الذي سلم الرسالة «ان العراق اوضح في الرسالة أنه سيتعامل مع القرار 1441 بالرغم من جوانبه السيئة». وأضاف «إن العراق وافق على عودة المفتشين وفق الجدول الزمني الذي حدده قرار مجلس الأمن 1441». وتابع «ان الرسالة تضم تسع صفحات بين فيها وزير الخارجية ناجي صبري موقف العراق من الولايات المتحدة والطريقة التي تعاملت بها مع المسألة العراقية في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وأكد فيها صبري على أن العراق ليس لديه أسلحة دمار شامل». واردف «نحن غير قلقين من عودة المفتشين من دون شروط وقيود».
تحالف الراغبين.. بداية الالتفات
الخرق المادي لقرار الأمم المتحدة رقم 1441 يحدد بعدم التجاوب العراقي مع نظام التفتيشات الجديد، لأن بعض أعضاء مجلس الأمن أي (روسيا وفرنسا)، الدولتان دائمتا العضوية ضمن مجموعة الخمس الرئيسة، اعترضتا على فقرة (قدح شرارة الحرب) في القرار الجديد، وتوجب صنع مقاربة تسوية. في حال حدوث انتهاك عراقي، فإن مجلس الأمن سيدعو إلى النظر في الرد. ويترك القرار 1441 إمكانية إصدار قرار آخر مفتوح أمام في وضع مشابه، رغم هذا الرفض الذي يضع العصا في عجلة قرار غزو العراق الا ان الولايات المتحدة وبريطانيا سلكتا طريقا نيسميا لشن الحرب.
في تشرين الثاني/ نوفمبر 2002، أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش، والذي كان في أوروبا لحضور قمة الناتو، أنه "إذا اختار الرئيس العراقي صدام حسين عدم نزع أسلحته، فإن الولايات المتحدة ستقود تحالف الراغبين لنزع أسلحته"
استخدمت إدارة بوش لفترة وجيزة مصطلح "تحالف الراغبين" للإشارة إلى الدول التي دعمت عسكرياً أو سياسياً، غزو العراق عام 2003 وما تلاه من وجود عسكري في العراق بعد الغزو. تضمنت القائمة الأصلية التي صدرت في اذار مارس 2003، ستةً وأربعين عضواً. في نيسان/ أبريل 2003، تم تحديث القائمة لتشمل 49 دولة، على الرغم من أنه تم تخفيضها إلى 48 بعد أن اعترضت كوستاريكا على إدراجها في القائمة. من ضمن 48 دولة في القائمة، ساهمت ثلاث دول فقط بقواتها وقت الغزو (المملكة المتحدة وأستراليا وبولندا). بينما قدمت 37 دولة أخرى بعضًا من القوات لدعم العمليات العسكرية بعد اكتمال الغزو.
الالتفاف المخملي الاولي
يُشكل المجتمع الدولي على قرار الحاكم المدني آنذاك بول بريمر اجتهاده في إقرار مشروعين خيما بتبعات سلبية على الخارطة العراقية (السياسية والأمنية والاجتماعية)، كان أولهما حل الجيش العراقي باعتباره جيشا مواليا لنظام البعث وارتباطه برئيس النظام، ثانيهما تسريح البعثيين ممن يشغلون درجات خاصة في الدوائر الرسمية كافة في نظام البعث، بريمر الذي حاول المماطلة حيال هذه القضية محملا المعارضة العراقية المسؤولية في ذلك، معللا إياها بفقرات من مؤتمر لندن المنعقد في العاصمة البريطانية لندن بتاريخ 14-15 كانون الأول/ ديسمبر 2002.وبحسب الفقرات الاتية:
الفقرة التاسعة ، النقطة(ث) من التوصية التاسعة والتي نصت على: " إلغاء جميع الإجراءات الإدارية التي قام بها النظام منذ العام 1968 والتي استهدفت تغيير الواقع الديموغرافي في كردستان العراق".
والفقرة السابعة حيال الجيش والقوات المسلحة والتي نصت على: "أكد المجتمعون على أهمية إعادة بناء المؤسسات العسكرية والقوات المسلحة العراقية على نحو مهني ووطني سليم بعيدا عن نزعات عسكرة المجتمع والصراعات الداخلية وسياسات التمييز القومي والطائفي ونبذ مشاريع تطوير أسلحة الدمار الشامل وكل الأسلحة المحرمة دوليا وإبعاد الجيش عن أعمال القمع الداخلي ونهج العدوان الخارجي وتحديد مهمته بالدفاع عن الوطن والإعمار". تلاه كولن بأول وزير الخارجية الأميركية الأسبق من خلال ادلائه بتصريحات للتلفزيون الأميركي تحت عنوان "نقطة سوداء في حياتي"، واصفا دفاعه عن تقرير بلاده حول عن أسلحة الدمار الشامل العراقية المزعومة أمام الأمم المتحدة بأنه "وصمة عار في مسيرته السياسية".واعتبر أن الأمر" مؤلما له".. وكان باول قد قدم كلمة شهيرة حول امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل أمام الأمم المتحدة في شباط/ فبراير 2002
استخدم فيها وسائل العرض الحديثة وزعم خلالها أن الولايات المتحدة لديها أدلة أكيدة عن وجود أسلحة دمار شامل لدى العراق. ودافع عن قرار حكومته بشن الحرب على العراق. كما عرض باول في تقريره صورا زعم أنها لمختبرات بيولوجية عراقية رصدتها الأقمار الصناعية.
باول كان قد استند على معلومات استخبارية زودتها به أجهزة الاستخبارات الأمريكية. ويعتقد بعض المحللين أن باول كان من المعترضين على فكرة الحرب داخل الإدارة الأمريكية وبالتالي فربما أن المخابرات الأمريكية قد خدعته بتزويده بمعلومات مضللة. وقد اتهم باول بعض موظفي وكالة الاستخبارات بأنهم كانوا يعرفون بان مصادر المعلومات غير موثوق بها. "لقد كان هناك أناس في المخابرات حينها يعرفون أن بعض مصادر المعلومات ليست موثوقة، لكنهم لم يقولوا شيئا. لقد دمرني ذلك"، حسب تعبير باول. ونفى باول أن يكون مدير وكالة الاستخبارات السابق جورج تينيت قد قصد على تضليله، فالأخير كان متأكدا من صحة المعلومات التي اعتمد عليها باول في تقريره، حسب تعبير بأول، بينما القت وكالة الاستخبارات الأميركية كرة الاتهام النارية في ملعب المخبرين السريين في صفوف المعارضة العراقية ذات التنسيق العالي مع الداخل العراقي
وكان احد كبار مساعدي باول قد نأى بنفسه عن ما جاء في كلمة رئيسه أمام مجلس الأمن الدولي. "تمنيت لو أني لم أكن متورطا في ذلك، وأضاف " أعاود التفكير في ذلك وأقول لنفسي إن ذلك كان نقطة ضعف في حياتي". واعترف ويلسون بان المعلومات التي وردت في خطاب باول وكتبها هو كان مصدرها وثيقة البيت الأبيض."
بيت القصيد
البيت الأبيض يؤيد الغاء قانون شن الحرب على العراق
15 حزيران 2021
أعلن البيت الأبيض، أنّه يؤيّد إلغاء قانون صدر في العام 2002 وأجاز للولايات المتحدة شن الحرب على العراق في عهد النظام السابق.
وجاء في بيان للرئاسة الأميركية، أنّ "إدارة الرئيس الديموقراطي جو بايدن تؤيّد إلغاء هذا القانون الذي أجاز استخدام القوة ضدّ العراق وصدر في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش في تشرين الأول 2002؛ لأنّ لا أنشطة عسكرية للولايات المتّحدة تجري حالياً تعتمد حصراً على هذا النصّ".
وتابع البيت الأبيض، أنّ "إلغاء القانون سيكون تأثيره محدوداً على العمليات العسكرية الجارية".
ومن المقرر أن يصوّت مجلس النواب حيث يتمتّع الديموقراطيون بغالبية على إلغاء القانون هذا الأسبوع، وحظوظ المصادقة على إلغاء قانون التصريح باستخدام القوة العسكرية الصادر في العام 2002، قوية.
وبعد إعلان البيت الأبيض تأييده إلغاء القانون، أبدى الديموقراطيون تفاؤلًا أكبر حيال التصويت في مجلس الشيوخ حيث تقتصر غالبيتهم على صوت واحد.
وأوضح زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس النواب ستيني هوير أنّ "العمليات الجارية حالياً تنفّذ في إطار التصريح باستخدام القوة العسكرية+ الصادر في العام 2001 والذي يجير استخدام القوة ضدّ بعض المجموعات الإرهابية".
وهذا النصّ الذي صدر بعد هجمات 11 أيلول 2001 والذي أقرّ أصلاً للتصدّي لتنظيم القاعدة وزعيمه أسامة بن لادن لا يحدّد مهلة زمنية ولا نطاقاً جغرافيا لعمليات الجيش الأميركي.
ويستند البنتاغون في عملياته الخارجية إلى هذا القانون الساري منذ 2001 لشنّ حملات عسكرية في العالم.
وتبدو حظوظ إلغاء هذا النص الصادر في العام 2001 في الكونغرس أقلّ مقارنة بذلك الصادر في 2002.
لكن الإثنين بدا أن البيت الأبيض يفتح المجال بشكل ضئيل ومشروط أمام إلغاء نص العام 2001، من دون أن يشير إليه صراحة.
وجاء في بيان الإدارة الأميركية أنّ بايدن "مصمّم على العمل مع الكونغرس لضمان استبدال التصاريح القديمة لاستخدام القوة العسكرية، بإطار ضيّق ومحدّد تمّ تكييفه لضمان استمرارنا في حماية الأميركيين في مواجهة التهديدات الإرهابية".
وتابع البيت الأبيض "فيما تعمل الإدارة مع الكونغرس لإصلاح التصريحين باستخدام القوة العسكرية، سيكون من الضروري الإبقاء على سلطة واضحة للردّ على التهديدات التي تطال المصالح القومية الأميركية بعمل عسكري حاسم وفاعل".
سيناريوهات محتملة:
السيناريو الأول/
اخلاء الأمم المتحدة مسؤوليتها أزاء غزو العراق عام 2003 كون التقارير التي قُدمت لم تكن ذات مصداقية، بالتالي تحميل الحكومة السابقة -حكومة بوش الابن- مسؤولية الحرب باتهامها بالتقصير غير المتعمد
السيناريو الثاني/
خلع الشرعية –على المدى المتوسط او البعيد- عن الأحزاب الحاكمة ما بعد 2003 لاعتبارات منها تاويلية تتعلق بالبيان الختامي بمؤتمر لندن وأخرى بالمخبريين السريين من العراق الذين زودوا تلك الأحزاب بمزاعم امتلاك الأسلحة النووية، تلك المزاعم التي تدعي شخصيات نافذة في وكالة الاستخبارات الاميريكة حصولها عليها من خلال المعارضة العراقية.
السيناريو الثالث/
إعادة شخصيات من بقايا نظام البعث او ممن ينتهجون ذلك المتبنى القومي المعارض للنظام الحاكم الحالي تحت ذريعة احقية هذه الطبقة، التي تمت الإطاحة بها من خلال تقارير سرية غير مغلوطة.
السيناريو الرابع/
تخويل اتخاذ قرارات جديدة لم تكن الإدارة الأميركية قادرة على اتخاذها لغياب الحجية والتبرير، قد تكون قريبة ومؤجلة ما بعد انهاء الاتفاق النووي في فيينا.
هامش على القرار
قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1441 لسنة 2002
يعتبر قرار مجلس الأمن رقم 1441 الصادر عام 2002 من أخطر القرارات الدولية في الأزمة العراقية، فهو يتيح للجنة الرصد والتحقق والتفتيش استئناف عملها، ويحدد لها سلطات واسعة تتمثل في تفتيش أي منشأة في أي مكان وفي أي وقت داخل العراق بما فيها القصور الرئاسية، كذلك يتيح للجنة وللوكالة الدولية للطاقة الذرية استجواب أي عراقي داخل أو خارج العراق دون حضور مندوب عن الحكومة العراقية في ما يتعلق ببرنامج التسلح العراقي، كما يمنح هاتين الجهتين الحق في تأكيد أو نفي امتلاك العراق أسلحة دمار شامل. وفي ما يلي نص الترجمة الرسمية لهذا القرار:
إن مجلس الأمن الدولي
إذ يشير إلى جميع قراراته السابقة ذات الصلة، ولا سيما قراراته 661 (1990) المؤرخ 6 أغسطس/ آب 1990 و678 (1990) المؤرخ 3 أبريل/ نيسان 1991 و688 (1991) المؤرخ 5 أبريل/ نيسان 1991 و707 (1991) المؤرخ 15 أغسطس/ آب 1991 و715 (1991) 11 أكتوبر/ تشرين الأول 1991 و986 (1995) المؤرخ 14 أبريل/ نيسان 1995 و1284 (1999) المؤرخ 17 ديسمبر/ كانون الأول 1999 وإلى جميع البيانات الرئيسية ذات الصلة
وإذ يشير أيضا إلى قراره 1382 (2001) المؤرخ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2001 وعزمه على تنفيذه تنفيذا كاملا،
وإذ يسلم بالتهديد الذي يتعرض له السلام والأمن الدوليان من جراء عدم امتثال العراق لقرارات المجلس ونشره لأسلحة الدمار الشامل والقذائف بعيدة المدى،