حسيني الاطرقچي
صحفي وباحث
مركز وطن الفراتين للدراسات الاستراتيجية
بين وجود الخليفة وغياب الخلافة، تبرز القيادات الاكثر توحشا والاقل خبرة، هكذا هو الخط الاول الحالي لتنظيم داعش في العراق، اذ تتسم قيادات التنظيم الحالي بخط جهادي تكتيكي بغياب استراتيجية واضحة المعالم ان لم تنعدم تلك الاستراتيجية، ما جعل التنظيم يجنح الى عمليات الذئاب المنفردة بعد بيان اعلان النصر وتحرير الموصل نهاية العام ٢٠١٧، حيث عمدت تلك الخلايا على العمل وفق مستويات جغرافية ذات تضاريس غير مستوية -على الاغلب- وفق مصادر تمويل ضئيلة اعتمدت على الاتاوات والتهريب بصورة كبيرة، فضلا عن فقدان البيئة الجاذبة للتجنيد المحلي واقتصار البيعة على مناطق في مثلثاث الموت والبوادي والقرى النائية.
بين روايتين، ان الانتحاريّين الذين فجرا نفسيهما في ساحة الطيران في العاصمة بغداد كان احدهما محليا والاخر من جنسية غير عراقية (على رواية التنظيم)، وان الانتحاريين عراقيان وهو الرواية العراقية، تنكشف سلسة من خطابات داعش ذات الاتجاه التعبوي، وهو يقول ان التنظيم ما زال قادرا على التجنيد الخارجي( المهاجرين) وقدرة ادخالهم وتجهيزهم، وايصالهم الى "مربع الفداء" اي منطقة التفجير ، بينما ينعكس ذلك في ثنايا الملفات الامنية ومنها؛ الخط الفتي الذي تمثل ب"والي العراق ونائب الخليفة" ابو ياسر العيساوي ذو الاربعين عاما، الذي قتل بضربة جوية في وادي الشاي جنوب كركوك، كذلك مقتل ابو حسن الغريباوي القيادي في التنظيم الذي كان يشغل شبكة عملياتية تمثلت بوالي الجنوب ومهندس تفجيرات الفرات الاوسط والجنوب ومدير ملف التجنيد والنقل والتفخيخ وفتح المضافات في الصحاري وبوادي المدن والوديان، ما يشير الى اختزال المهام بشخصيات معينة لعدم توافر القدرة على استقطاب قيادات مختصة تتسنم مهام مختلف في الهيكل التنظيمي لداعش، اضف الى ذلك انسحاب الكثير من المجندين المحليين بعد فقدان تلك القيادات والعودة الى الخلايا الخاملة او الهرب خارج الحدود تجنبا للضربات الجوية او الاعتقالات، لتنتهي بقطع خطوط الامداد الفردية، وانسحاب الجباة من اخذ الاتاوات التي تمثل احد المصادر الضعيفة للتنظيم.
انتقال العمليات الارهابية من استراتيجية (العمليات الشبكية) الى (العمليات الخيطية) قد يكون سببا رئيسا في تاخير العمليات ضد التنظيم، وعلى سبيل المثال عمليات (ثار الشهداء) التي انطلقت للقصاص من تفجير ساحة الطيران المزدوج في ٢٠٢١/٢/٢١، ما يشير الى التريث الكبير في استئصال هذه القيادات، وبالتالي يفسر غياب عمليات الاعتقال واستبدالها بالاستهداف المباشر، كون هذه المجاميع تعمل بانفصال شبه متكامل عن بعضها البعض، ذاك السبب الذي قد يفوّت الفرصة على اعتقال بقية المجاميع في حال احكام القبضة على احدها، وربما التخادم الخارجي الذي يضغط زر الانذار لاختباء العناصر او هروبها.