"عسكرة بغداد "
"عسكرة بغداد "
علي صادق: باحث في العلوم السياسية
في أي دولة في العالم تمثل العاصمة الوجه المدني للدولة، وهذه القاعدة لا تشذّ عنها العاصمة بغداد ، حيث تمثل العاصمة بغداد المقر الرئيسي للمؤسسات الرسمية الحكومية والمؤسسات غير الرسمية اضافة إلى أنها تُمثل مركز الثقل الاقتصادي والتجاري والسياسي
والتواجد للهيئات والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية، وفي المقابل تشهد العاصمة انتشارا مكثف للمقرات والسيطرات والفرق الامنية والعسكرية دون إنّ تساهم هذه المقرات والفرق بأي جهد امني سوى حماية مقراتها وأماكن تواجدها، إذ يشير اللواء في وزارة الداخلية العراقية "بشير الوندي" إذ كان المفهوم إنّ تتواجد بعض الدوائر الأمنية والتي هي على تواصل واحتكاك مباشر مع المواطن والمجتمع لغرض تقديم الخدمات الاساسية مثل "مراكز الشرطة المحلية، عناصر الحماية، الاطفاء ، مديرية الجنسية والجوازات ، المرور" فأنه من غير المنطقي ان تتواجد مقرات الفرقة "6،9،11،17" العسكرية في قلب العاصمة بغداد، بالاضافة الى قيادة القوة البرية والميرة وقيادة الشرطة الاتحادية وقيادة قوات الحدود والمديريات العامة كمديرية حماية المنشآت والمديرية العامة للاطفاء، وهذا ما يجعل بغداد مدينة مدججة بالسلاح ويفقدّ الدولة طابعها المدني، ويؤدي وجود هذه المقرات الى اغلاق بعض الشوارع في العاصمة ممّا يسبب ازدحاماً مرورياً، فعندّما ينتشر الجيش في المدن تشهد المدن فوضى وارتباك بسبب المحددات التي تفرضها القيادات العسكرية في المناطق المدنية مثل حماية مقارها الأمنية من الخروقات وهو ما يتطلب مساحات كبيرة من العمل الذي قدّ يشمل الشوارع والممرات والتقاطعات في المدن ممّا ينعكس بشكل مباشر على حركة المواطنين ويفرض قيودًا عليهم، ومنذُ الغزو الأميركي عام 2003 وما تلا ذلك من تصاعد موجات كبيرة للعمليات الإرهابية داخل بغداد وفي بقية المدن بسط الجيش العراقي سيطرته على جميع مدن ومحافظات العراق باستثناء مدن إقليم كردستان العراق إذ تنتشر حواجز التفتيش والسيطرات الخارجية والمعسكرات داخل مدن البلاد وحولها، إضافة لوجود قوات الشرطة التابعة لوزارة الداخلية ، لكن بعد هزيمة تنظيم داعش على يد القوات العراقية في نهاية ديسمبر/ كانون الاول 2017 ، بدأ مستوى الاستقرار الأمني في محافظات العراق متصاعد مع انحسار كبير للخروقات والهجمات الإرهابية، ولذلك يٌفترض إنّ يكون هناك اعادة عمل وتقييم عسكري وامني لملف الامن في المدن ونقل الملف الامني من وزارة الدفاع الى وزارة الداخلية ، أحدى افضل الخيارات والحلول التي طرحت بخصوص هذا الموضوع تتمثل في نقل كافة المقرات والمديريات الى مناطق اطراف بغداد كالمدائن واللطيفية واليوسفية وابو غريب والتاجي والطارمية إذ يمثل نقل المقرات والمديريات من مركز بغداد الى الحدود الجغرافية الادارية للعاصمة بغداد يساهم في عدة فوائد كبيرة ومزدوجة إذ يعطي الدولة طابعاً مدنياً ويساهم في تقليل نسبة الازدحامات المرورية عن عدة مناطق وشوارع وهذا يتزامن مع اطلاق رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني الحزمتين الاولى والثانية من المشاريع لغرض تخفيف الازدحامات في العاصمة ، ويمثل تواجد هذه المقرات والفرق العسكرية يساهم في دعم الامن في محيط واطراف بغداد وبالتالي يمنح بغداد حزاماً امنياً مستقراً.