وجوب الاهتمام بأمور المسلمين ( فلسطين – غزة ) إنموذجاً
وجوب الاهتمام بأمور المسلمين ( فلسطين – غزة ) إنموذجاً
د . آمال علي الموسوي
ان رابطة الدين التي تربط بين الناس هي من اعظم وأقوى الروابط ، فهي تسمو على كل الروابط من ( النسب ، الجوار ، المصالح ) وهذه الرابطة الايمانية لا تنفك ابدأ ولا تقطع ما يقطع بقية الروابط فهي مستمرة حتى يوم القيامة،وتتجلى فيها معالم الايمان وترتسم فيها صور الإسلام ، وتتجسد فيها العقيدة الايمانية ، التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المستضعف او لمد يد العون اليه ولو عن طريق الدعاء،ويجب ان لا نتأخرعن نجدة هولاء المظلومين واغاثتهم وتخفيف الالام ، فالواجب يحتم على الامة الاهتمام والتفكر بهم ، وبقدر ايمان المؤمن تتقد فيه تلك الجذوة ويتحرك فيه ذلك الاحساس .
ومن تداعيات هذه الرابطة ان يهتم المسلم بشأن إخوانه المسلمين وإن اختلفت الأوطان وتعددت اللغات وتباعدت الأجساد ، انطلاقا من حديث رسول الله (ص) حيث قال ( المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا ... ) ،وحديث للامام علي (ع) ( ومن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منا )، ويجب الامتثال لهذه الرابطة الايمانية التي أكد الله سبحانه وتعالى في محكم آياته الاهتمام الكبير بشؤون المسلمين ، فهو واجب انساني واخلاقي وشرعي .
وان الاهتمام بشأن امور المسلمين من أصل الايمان وكماله ، والشعور بهم وعيش واقعهم وقضاياهم وان لم نستطيع ان نكون معهم ، فالمسؤولية الأخوية التي جعلها الله فرضا لا خيار للمسلم الاعتزال عنها او الابتعاد ، وقال تعالى في محكم كتابه ( انما المؤمنون إخوة ) وقال رسول الله (ص)( المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)
فعلى المرء المسلم ان يهتم بأمر إخوانه ، ويسأل عن أخبارهم ويعين ضعفهم قدر الإمكان وينصر مظلومهم ولو بكلمة ، ويدعو لهم كما يدعو لنفسه ، ومن لا لا يهتم بأمر إخوانه ولا يتأثر بما يصيبهم من اذى او ظلم فيكون كالعضو الاشل الميت الذي لا يحس .
وان ما تتعرض له غزة في هذا الوقت ، مما يحزن القلب ويشغل الذهن والتفكير وعلينا نصرة إخواننا والتضامن معهم في محنتهم كل بحسب قدرته ولا نغفل عن الدعاء لهم ،الا اننا نلمس لطف الله لان كل ما يحدث لسيت مجردة عن حكمته ومشيئته وان عاقبة هذه الأمور هي نصر الهي ان شاء الله .
ولقد امرنا الله سبحانه وتعالى بالجهاد في سبيل الله سواء بالمال او العلم او الاعلام او المقاطعة او الدعاء وكل ذلك من باب الواجب وليس من قبيل التطوع والتبرع ومصداق ذلك في الآية الكريم ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وانفسكم في سبيل الله ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون ) [1] .
والانسان يجب ان يبدأ من نفسه فهو نقطة الانطلاق والوعي والتفكير، وهنا تكون مسؤوليته فردية ،والبحث عن آليات القيام بالواجب الشرعي ، ويبدأ من ايمانه بنفسه وقدراته فهي مفتاح ايمانه بمسؤوليته الفردية اتجاه إخوانه المسلمون في غزة لما تتعرض لها اليوم من إبادة وتدمير شامل .
وعلى المسلمين كافة ان تكون المسؤولية واحدة والتفكير في قضية فلسطين والمسجد الأقصى والقدس بشكل عام وغزة بشكل خاص واجب شرعي مفروض، وان تكون هذه القضية قضية كل مسلم ، لإنها مؤامرة عالمية يشجعها ضعف النظام العربي فهو يعد تحدي سافر وخرقا للقانون الدولي ومبادئ حقوق الانسان .
إلا اننا يمكن دعم ومساندة شعب فلسطين من خلال الاستجابة لقوله تعالى (...وان استنصروكم في الدين فعليكم النصر ...) [2] ، وفي وسع كل مسلم ان يفعل أشياء كثيرة لمساعدة إخواننا في فلسطين المحتلة ومنها :الشعور بالمصاب والالم لبلاء إخواننا المؤمنين وجراحاتهم ويمكن مواساتهم امتثالا لقول الرسول الأعظم (ص) ( مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) ، كما يمكن دعمهم معنويا باللهج بالدعاء الصادق سرا وعلانية بقلب صادق ونية خالصة ، كما يمكن دعمهم من خلال كتابة المقالات والتقارير وبث الصور والأدلة التي توضح حجم معاناتهم وتدميهم الشامل ، بعقد العديد من الندوات والمؤتمرات والمشاركة في البرامج عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومنتديات الانترنيت ، والمشاركة في المسيرات لإعلاء كلمة الحق،والتعاون مع كافة المؤسسات والهيئات التي تساند القضية الفلسطينية من منطلق انساني عادل ، للوقوف ضد الظلم والطغيان، وان نعلم أولادنا ونثقف نساءنا وسائر افراد امتنا ان القدس هي أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسول الله (ص) ، وبهذا الوعي الايماني يتقوى الفرد والمجتمع والأمة وتوّثق صلتها بالقوي الجبار ناصر المؤمنين ، فتستعصي الامة مستقبلا على العدو الغاصب بوحدتها ويقينها بأن الله ينصر الحق ولو بعد حين .