"دور فاطمة الزهراء (ع) وأثرها في تكامل المرأة"

المقالات

                                      دور فاطمة الزهراء (ع) وأثرها في تكامل المرأة

                                                      د . آمال علي الموسوي

                                                      د . جمانة جاسم الاسدي

  إن دراسة شخصية الزهراء (ع) تمتد إلى مجالات ذات أبعاد الهية عديدة لا زالت مستمرة ، وتسليط الضوء لتلك الابعاد له دور فعال في بناء وتنشئة المرأة بشكل خاص والانسان بشكل عام ، وصلاح المرأة يحقق صلاح المجتمع على اعتبار ان المرأة نصف المجتمع ، فهناك شخصيات عظيمة يزداد حضورها وتأثيرها على مسيرة المرأة نضجا وفهماً والتزاماً واطلاعاً ،وجعلها انموذجا ومثالا يقتدى به .

فقد تربّت فاطمة الزهراء(ع) في مدرسة النبوة وتخرجت من معهد الرسالة ، وتجسيد معالمها ومبادئها في منظومة تنشئة المرأة ، فهي رائدة البناء والإصلاح لمشروع إمراه تقود الاسرة والمجتمع ،  فهي ثروة علمية لا تحد بحدود ، إذ اتسمت بالعفة والاستقامة والتقوى والعلم  والطاعة وسائر الاخلاق الحميدة ، وقدوة ومثل اعلى لمسألة  مشروع تكامل المرأة في المجتمع الإسلامي ، فكونت لنا رصيدا من الثراء التربوي لمسيرة الحياة الصالحة ، والتقرب الى الله سبحانه وتعالى ، كما انها هالة من القداسة والحكمة والعظمة ، إذ تميزت عن سائر النساء سواء في عصرها أم في غيره ، ولعل الامر يرجع الى كونها النموذج الاسمى الذي ارادته السماء تقديمه لبني البشر ،  وفي هذا الوقت العصيب في ظل الانحرافات الاجتماعية بأمس الحاجة الى قدوة ومثل اعلى لنسير في ظل خطاها .

لقد شاع في وقتنا الحاضر المترف إعطاء حرية كاملة للمرأة  بغير ما يتوافق مع المبادئ الإسلامية ، وبما لا ينسجم مع مبادئ الزهراء (ع) ، فالدين الإسلامي بما يحمل من سيره عطره لمسيرة أهل البيت (ع) ، فلابد الالتزام بما رسموا  من منهاج وطريق للهداية ، فالإيمان الحقيقي هو ركيزة الدين الإسلامي ،وعلى المرأة المسلمة اتباع منهج الزهراء (ع) لأنها النواة الأساسية والمؤسسة  لبناء وإصلاح الأسرة والمجتمع ، فهي القادرة على التفكير بموضوعية في المواقف التي تحتاج الى احداث تغيير من خلال معرفتها بمسيرة الزهراء (ع) كيف كانت حياتها  كبنت وزوجة وام .  

والتأكيد والسعي على إمكانية تطوير المرأة من خلال المسيرة والنموذج والمعالم الإلهية المتكاملة في شخصية الزهراء (ع) ، وفقا للمبادئ الفاطمية التي يجب ان تكون نصب اعيننا ، واستلهام القيم والمبادئ الدينية والاجتماعية والفكرية من مسيرتها العطرة وحياتها العظمية فكرا وعملا في كل جوانب الحياة ، فعودة المرأة الى منبع الزهراء ومسيرتها لحمل راية التغيير والإصلاح في الاسرة والمجتمع ، والمطالبة بالرجوع الى الاهداف التي رسمتها لنا ، لتعزيز دور المرأة المسلمة ، وتمكينها دينيا ومعرفيا ، لخلق مجتمع ملتزم بأحكام الشريعة الإسلامية ، لانها كل المجتمع ونواته واساسه هي من تربي صنفها والصنف الاخر وصلاح وفساد أي مجتمع مربوط بصلاح وفساد المرأة في ذلك المجتمع ، لأنها تمتلك جميع الصفات والمقومات التي تؤهلها لبناء جيل واعي للحفاظ على الهوية الإسلامية ، وانتصار الرسالة المحمدية  من خلال ادوارها المختلفة  .

كانت الزهراء (ع) مدرسة متكاملة في مختلف ابعاد الحياة ، حتى أضحت معرفة الابعاد المتعددة لحقيقة الإسلام مرتبطة بمعرفة مسيرة  فاطمة الزهراء (ع) لأنها روح الرسالة التي يمثلها النبي (ص) فهي امتداد للإسلام وقيمه واخلاقه ، وقدمت (ع) نموذجاً حول أهمية دور الانسان في مجال الإصلاح ومقاومة المعتدين ، فضلا عن قدرة المرأة على هز عروش الظالمين ، وصناعة جيل يتصف بالوعي والمعرفة والعلم ويؤمن بتطبيق احكام الله سبحانه وتعالى.

لقد اصابت الاسرة في الآونة الأخيرة بشكل خاص والمجتمع بشكل عام العديد من المشاكل واهمها هو التفكك والضياع والانحراف العريض ، مما اثر بشكل كبير على بناء وإصلاح المجتمع ، فكان لابد من الالتفاتة الى تغيير جوهري في بناء وتكوين المرأة ، والوقوف عند نهج ومسيرة السيدة العظيمة  التي تحمل كل الابعاد الإلهية لتكون لنا رسالة غراء وكوثر معطاء .

وان هذه الشخصية العظيمة وما حملته من أدوار تمثل رمزاً وعنواناً للمرأة المسلمة في كل مراحل حياتها من ولادتها وتربيتها في بيت والدها وانتقالها الى بيت زوجها ومن ثم تحملها مسؤولية تربية الأولاد ،فكانت نعم البنت والزوجة والام ، فهي المشروع الإلهي لتقويم السلوك للإنسان ، وتأسيس الهوية الحقيقة للمرأة المسلمة ودورها الريادي في محاربة الفساد والانحراف ، لكونها ذو مقومات وخصائص الهية ، ولأنها بضعة من الرسالة الخاتمة ومظهر الرضا الإلهي وأحد الثقلين الواجب التمسك بهما .