الحرب المفتوحة والحروب الهجينة طوفان الأقصى و تطبيقات مبادى الحرب

المقالات

الحرب المفتوحة والحروب الهجينة

طوفان الأقصى و تطبيقات مبادى الحرب

الفريق الركن حسن سلمان خليفة البيضاني – هيئة الحشد الشعبي

تقديم

أحدثت المواجهات العسكرية بين جيش الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة الإسلامية والوطنية بمختلف مسمياتها ومشاربها واتجاهاتها  على مدى المدة المحصورة بين عام 2006 حيث حرب جنوب لبنان والفشل الأول لجيش الكيان الصهيوني على مختلف الأصعدة وبين السابع تشرين اول من عام 2023 حيث الانهيار الغير مسبوق لدفاعات العدو امام هجمات  منسقة ومدروسة لمنظمة حماس و كتائب الأقصى على جبهة سيناء لتتسع لاحقا لتشمل معظم اقسام الخط الحدودي المفتعل بين الكيان الصهيوني والدول العربية أحدثت هزة عنيفة في الكثير من الثوابت بالمستويات الثلاثة للحرب التعبوية والعملياتية والسوقية و نجم عنها وربما سينجم لاحقا أيضا كم هائل من المستجدات التي ستدعو الضرورة حتما لأخذها بنظر الاعتبار لتدرأك ما يجب ان يعدل او تعاد دراسته من مبادئ الحرب وثوابتها .

الحرب المفتوحة هي من الحروب التي من الصعب التكهن بمساراتها في الغالب كما انها تعني ضمنا تلك الحرب التي تطال كل شيء بلا استثناء حيث لم تعد حكرا على ساحات القتال فقط او مناطق وساحات العمليات ومناطق ادامتها ومقرات القيادة والسيطرة  ولكون  المواجهة الحالية في طوفان الأقصى تكاد ان تكون شاملة لكل مفاصل الحياة ومكونات الكيانين المتصارعين  فأنها تندرج ضمن ما يمكن ان نطلق عليها الحرب المفتوحة ولكن من جانب اخر نجدها حرب هجينة وغير متماثلة من حيث طبيعتها , كونها تجري بين طرفين غير متكافئين كليا في مجال حسابات القوة والقدرة القتالية التقليدية  , ففي الوقت الذي يتفوق فيه  الكيان الصهيوني وجيشه ووفق مقاييس القوة في كل الجوانب المادية نجد ان الغلبة ميدانيا لاتزال تتأرجح لصالح فصائل المقاومة الفلسطينية ومن هنا نجد ان ما يجعل تلك المعادلة غير متوازنة سواء بين طرفي النزاع او في النتائج يرجع بالدرجة الأساس الى مستوى تبني مبادئ الحرب المفتوحة ممزوجة بمبادئ الحروب الهجينة واللامتماثلة لذلك فان القراءات المتسرعة لمجرياتها ونتائجها قد لا يكون وفق معايير المصداقية والتحليل العسكري العلمي المبني على معطيات محددة ومع ذلك فان مؤشرات الخسارة والربح فيها تعتريها ضبابية  وعدم يقين  مما يجعلها مفتوحة الاحتمالات مثل ماهي مفتوحة الوسائل والأساليب  , نحاول هنا تسليط الضوء على ما لطوفان الأقصى من مؤشرات يمكن من خلالها تحديد مدى تطبيق مبادئ الحرب المفتوحة ومقارنة ذلك بمبادئ الحروب الهجينة من خلال ما يلي :

1. قراءة سوقية وعملياتية  في مستجدات مبادى الحرب المفتوحة  ومدى تطبيقها في هذه المواجهة .

2. الخروج عن المألوف فبي مجال ابتكار الوسائل للتحقيق عنصر المفاجئة .

3. قدرات العدو التقنية وأساليب تخطيها والتغلب عليها .

4. تعدد ساحات المواجهة  واثرها على طرفي الصراع..  

قراءة سوقية وعملياتية  في مستجدات مبادى الحرب المفتوحة

اتسمت مبادئ الحرب بصفة الثبوت النسبي رغم انها تختلف من بلد الى اخر وفق جملة من الاعتبارات تقف  في مقدمتها  طبيعة وامكانيات العدو المحتمل والموقع الجيوبولتيكي للبلاد  و طبيعة النظام السياسي واستقراره  فضلا عن مستوى قوة الدولة وتحالفاتها , الا ان ما يميز الحروب اللامتماثلة والهجينة انها تتسم بصفة تبتعد بها عن مبادئ الحرب التقليدية حيث انها تتغير بشكل اكبر بكثير مما هو متوقع كما انها تقترب كثيرا من العقيدة القتالية كونها تغادر السمة الأساسية لمبادئ الحرب والمتمثلة بالثبوت النسبي , وفي طوفان الأقصى تلك العملية التي لاتزال مستمرة , اتضحت  وبشكل لا يقبل  الشك صورة الحرب المفتوحة من خلال اعتمادها جملة من المبادئ والأساليب  التي غالبا ما تعتمد في الحرب المفتوحة  ومنها على المستوى السوقي والعملياتي ما يأتي :

  1. تعدد الساحات : وهو مبدا اقرب ما يكون لمبدا من مبادئ الحرب والمتمثل بتشتيت جهد العدو من خلال المناورة على جبهات متعددة وقد نجحت العملية في ان تجعل العدو في حالة من عدم اليقين من منظومته الاستخبارية التي عجزت عن تحديد التحركات العملياتية والتعبوية للمقاتلين الفلسطينيين في تلك الساحات .
  2. خوض الحرب بما يناسب السلاح المتيسر : واحد من اهم مبادئ الحرب المفتوحة ويمكن ان يكون مرادفا لمبدا من مبادئ الحرب الهجينة المتمثل بالاقتصاد بالجهد وفق القدرات المتاحة  حيث جرى الاعتماد في عملية طوفان الأقصى على مجموعة وسائل واسلحة وأساليب قتال غير مكلفة كما انها تتميز بوفرتها محليا  ولا تحتاج الى توريد عدا بعض متطلباتها التقنية وقد نجحت المقاومة الفلسطينية بشكل منقطع النظير في تحقيق الأهداف المرسومة باختيارها لأسلحتها دونما البحث عن إمكانيات مضافة .
  3. الخروج عن المألوف : هو الاخر مبدا نجحت فصائل المقاومة في اعتماده على المستوى السوقي فقد فاجئت العدو بانها لم تعتمد الأساليب التقليدية السائدة والمتوقعة بل ذهبت بعيدا لتقوم بتوظيف إمكانيات تمكنت بواسطتها من مفاجئة العدو ومقاتلته في عقر داره وتدمير قدارته الدفاعية في محيط غزة دون ان يستطيع القيام باي رد فعل مقابل لدرء الخطر ومنع التدهور خلال الست ساعات الأولى .
  4. السلاح الأقل وقعا والأكثر دقة : رغم ان هذا المبدأ يمكن ان يندرج ضمن الأساليب القتالية الا انه ومن خلال اعتماده من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية  وكذلك حزب الله في جنوب لبنان بات يشكل مبدا يمكن اعتماده في الحرب المفتوحة والحروب الهجينة حيث كانت الضربات الصاروخية وصواريخ الكورنيت المحدثة  توجه الى الأهداف الأكثر تأثير على قدرات العدو بعد ان غادر المقاومون أسلوب الرمي التنبؤي والذي يفتقد الى الدقة .
  5. ضبابية ميادين المعارك : اتسمت المواجهة بنسبة عالية من الغموض والضبابية الى الحد الذي أصبحت فيه التنبؤات بأحداثها المحتملة امر في غاية الصعوبة كون التصعيد يجري من كلا الطرفين بسرعة غير مسبوقة كما ان الاستهداف اتسع الى ان اصبح من الشمولية بحيث بات المواجهة وكأنها حرب في جميع الجبهات .
  6. التقنيات الحديثة ليست وحدها الاعب الأساسي في ميدان القتال : كما هو معروف فان العدو الصهيوني وظف ويوظف مليارات الدولارات من اجل تطوير قدراته الدفاعية باستخدام التقنيات الحديثة التي سخر لها العشرات من مراكز الأبحاث والمئات من الشركات المصنعة للأسلحة والمعدات فضلا عن أنظمة القبة الحديدية ومقلاع داوود و السياج العازل ومع ذلك استطاع رجال المقاومة من ان يتغلبوا على كل تلك التقنيات بأساليب بسيطة البعض منها استخدم قبل عشرات السنين .

الخروج عن المألوف في مجال ابتكار الوسائل للتحقيق عنصر المفاجئة

على المستوى العملياتي يمكن القول ان مبادئ الحرب المفتوحة  اتخذت شكل أسئلة من الواجب إيجاد إجابات  دقيقة لها :

  1. اين نقاتل :

    في هذه المواجهة الغير متماثلة عرفت او تعلمت الفصائل الفلسطينية اين تقاتل فرغم ان محيط غزة او جدارها يعتبر من اكثر المناطق تحصينا  بعد الجليل الأعلى المقابل لحزب الله الا ان الاختيار كان صائبا  للأسباب التالية

    أ‌.        تحقيق عنصر المفاجئة كون قائد منطقة غزة المعروف جيدا عند الفصائل (   العميد  ايفي روزنفليد) كان يعتقد ان إمكانية الاختراق مستحيلة .

    ب‌.   امتلاك العدو ولاسيما قيادته العليا تصور خاطي وهو ان جدارهم الفاصل الذي سناتي لاحقا لذكر تفاصيله غير قابل للاختراق .

    ت‌.   اطلالة غزة على الواجهة البحرية جعل إمكانية الطيران الشراعي ممكنة كونها منطقة مفتوحة

    ث‌.   الملاصقة التي تتميز بها المنطقة حيث لا تبعد المستوطنات عن حدود غزة الا مسافات قليلة منح المقاتلين الفلسطينيين فرصة اكبر في الخرق والوصول الى الأهداف .

    كل ما ذكر ساهم بشكل او باخر في إنجاح العملية بمراحلها الأولى كون الاختيار لم يكن في جميع جوانبه  في صالح العدو .

  2. متى نقاتل

    ما يجب التركيز عليه هو ان العملية قد جرت بعد مرور 24 ساعة فقط على مرور ذكرى حرب تشرين عام 1973 تلك الحرب التي حقق فيها الجيش المصري مفاجئة سوقية أدت الى انهيار كامل لأقوى منظومة دفاعية في حينها وهي خط بارليف . وقد لا يكون في اذهان المنفذين أي ربط بين الحدثين الا ان الحالة النفسية لها تأثير في رد الفعل المقابل فحين عرفت القيادة العسكرية الصهيونية بالخرق الحاصل في جدار غزة عادت من جديد ذات الصورة في اذهان القادة وهو الفشل الاستخباري وللمرة الثانية وهذا ما اربك القائمين على اتخاذ القرار بالمستوى السوقي والعملياتي ناهيك عما حصل من تخبط في الجيش الصهيوني في قطاع غزة بالمستوى التعبوي وهو يرى بأم عينه وللمرة الأولى مقاتلي حماس والاقصى وهم يسيطرون على مقر قيادتهم الرئيسي في قاعدة (رعيم )العسكرية حيث مقر قيادة فرقة  غزة ( ثعالب النار ) التي يقودها (العميد  ايفي روزنفليد )التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية  لجيش الكيان الصهيوني   والمكونة من ثلاثة الوية ( الشمالي – هغفين والجنوبي- قطيف ووحدة شمشون بمستوى لواء قوات خاصة ) فضلا عن وحدة افيري هبلادا (فرسان الفولاذ) المدرعة والموضوعة بأمرة القيادة للحالات الطارئة   .

  3. كيف نقاتل

الطرفين هنا كان لهم ذات التساؤل فالصهاينة كانوا على يقين بان اساليبهم القائمة والمتمثلة بالقبة الحديدية ومقلاع داوود و الجدار الفاصل او العازل ومن ثم توجيه ضربات موجعة الى المدنيين وقد يقتضي الامر ان تكون هنالك حاجة الى اجتياح بري محدود او واسع النطاق رغم احتمالية ارتفاع الخسائر بشكل كبير مع التركيز على الأساليب التقليدية المتمثلة بالاغتيالات وتدمير المنازل و الضربات المباشرة للأنفاق هذا كل ما يمكن للعدو الصهيوني فعله الا انه وبالمقابل كان لتساؤل (كيف نقاتل) بالنسبة للفصائل الفلسطينية إجابات مختلفة كثير ا عن ما سبق فقد تنوعت الأساليب الى الحد الذي بات من المتعذر على العدو إيجاد الية محددة لتلافي تلك الضربات التي احدثتها الأساليب المتبعة والتي تنوعت بالشكل الذي تمكنت من تحقيق  مباغتة بالأسلوب فضلا عن المباغتة بالوقت والمكان . ويمكن اجمال الأساليب التي اتبعتها الفصائل الفلسطينية بما يلي :

أ‌.        رشقات الصواريخ الموجهة وبكثافة عالية الى اهداف منتخبة وبمديات غير متوقعة ورؤوس حربية اكثر تأثير تجاوزت قدرات القبة الحديثة  .

ب‌.   اختراق بالدراجات الالية والعجلات بعد إزالة جزء من الجدار الفاصل من أماكن متعددة مع تحرك باتجاهات مختلفة لتشتيت جهد العدو الاني والمباشر .

ت‌.   طائرات مسيرة ذاتية الاطلاق لحمولتها من الصواريخ والقذائف  لمشاغلة اهداف حيوية جرى انتخابها بدقة .

ث‌.   موجة من الطائرات الشراعية تحمل كل واحدة بين واحد او اثنين من المقاتلين المدججين بالسلاح لغرض الأنزال وسط مواقع العدو العسكرية .

ج‌.    جهد هندسي مرافق لإزالة أي عوائق مع تدمير كل ما يمكن تدميره من اليات العدو العسكرية

ح‌.    موجه أخرى من المقاتلين وهذه المرة بعجلات مكشوفة تحمل  رشاشات ثقيلة جرى استخدامها لاختراق مستوطنات العدو الاحد عشر التي جرى انتخاباها .

خ‌.    مجاميع من المقاتلين المدربين تدريب عالي المستوى من الانغماسين جرى زجهم لاقتحام مقر قيادة فرقة غزة العسكرية والسيطرة عليها وجلب الاسرى من العسكريين بيهم ضباط برتب كبيرة .

قدرات العدو التقنية وأساليب تخطيها والتغلب عليه

من المعاضل التي جابهت المخططين للعملية هما امرين أساسيين في طبيعة البناء الدفاعي لجيش الكيان الصهيوني الامر الأول القبة الحديدية التي كثر الكلام عنها والتي هي عبارة عن منظومة ذاتية الاشتغال مهمتها اعتراض وتدمير أي جسم طائر يخترق المجال الجوي الصهيوني لاسيما القذائف والصواريخ ذات المديات القصيرة والمتوسطة والتي يصعب اعتراضها من قبل منظومات الدفاع الجوي التقليدية  يصل  مدى عملها الى 70 كم وبالتالي فهي قادرة على تغطية كل الجبهات حيث نشرت بين 12 الى 14 منظومة منها , وبحسابات التلاحك في اقواس الكشف والمشاغلة فأنها غطت سماء الكيان الصهيوني بالكامل ,  تشمل هذه المنظومة بالإضافة الى أجهزة الرادار الامريكية والمحدثة من قبل الصناعات العسكرية الصهاينة ( شركة رافائيل)  فضلا عن ثلاثة منظومات اطلاق صواريخ لكل  منظومة رئيسية , تحتوي كل واحدة منها على 20 صاروخ اعتراضي من نوع (تأمير)  يعمل بالتوجيه الأرضي من منظومة القيادة والسيطرة  ويمكن لكل بطرية صواريخ ان تدافع عن منطقة مساحتها 150  كم مربع . اما المكمل لهذه القبة هو مقلاع داوود وهو الاخر نظام صاروخي اعتراضي يشابه في عمله الى حد كبير منظومة القبة الحديدية  خصص للجبهة الشمالية لاعتراض صواريخ حزب الله البعيدة المدى .

اما الامر الثاني الذي كان بحاجة الى تخطيط مسبق من قبل القائمين على عملية طوفان الأقصى لاختراقه او تجنبه فهو الجدار العازل حيث شرع الكيان الصهيوني بإنشائه عام 2003 يتألف  من جدار اسمنتي  بارتفاع بين 18 الى 20 قدم مع أبراج مراقبة مزودة بكاميرات حرارية تزداد في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية لاسيما الى جوار غزة والقدس المحتلة يتميز بتعدد أجهزة الاستشعار والتصوير الحراري مع وجود مسالك رملية الى جوار الجدار  لتحديد نقاط الاختراق بواسطة الكاميرات المنصوبة على الجدار  كما ان هنالك منظومات اطلاق نيران ( رشاشات ) للتعامل مع أي حركة اختراق يجري تحديدها  وحسب ما خطط له فان تلك المنظومات قادرة على تحديد مكان الخرق خلال ست دقائق فقط وهذا ما تبين لاحقا بانه مجرد من الدقة حيث تمكن رجال الصولة الأولى من اقتحامه ولم تكن هنالك أي ردود فعل الا بعد مرور اكثر من ست ساعات .

الدرس الذي يمكن ان تتعلمه هنا ان العقل البشري والإرادة القتالية والإصرار على بلوغ الهدف لن تقف امامه كل التقنيات الحديثة  وان الكيان الصهيوني الذي سخر اكثر من 30 مركز بحثي متخصص في الجوانب العسكرية والتقنيات التي تدخل ضمن الصناعات العسكرية فضلا عن  الشركات المنتجة للأسلحة والمعدات العسكرية الصهيونية والتي تعمل لخدمة جيش الكيان الصهيوني والتي  تجاوز عددها عام 2022 ال167 شركة .

 تعدد ساحات المواجهة  واثرها على طرفي الصراع

ليس بالضرورة وفق مبادى الحرب المفتوحة ان تكون كل الجبهات المفتوحة مع العدو هي جبهات قتال او مظاهر مسلحة بل يقتضي الامر في مثل هذه الحروب ان تتنوع الأساليب التي يفترض استخدامها وهنا لابد من تبيان حقيقة هي ان فصائل المقاومة الفلسطينية والقوى المساندة لها لا تمتلك جميعها الو سائل العسكرية للمواجهة الا انها تمتلك قدرات اخرى يمكن ان توظف لصالح  الفصائل اثناء خوضها للمعركة , وتعتبر جزء من مضاعفات القوة لها ,  الا ان الفصائل في هذه المواجهة قد استطاعت سوى عن طريق تخطيط وتنسيق مسبق او كرد فعل لاحق ان تجعل كل حدود الكيان الصهيوني عبارة عن ساحات للمواجهة التي اتسمت غالبية قطاعتها باستخدام القوة   وكما يلي :

  1. الحدود اللبنانية : هي الأكثر اشتعال وتأثير على الكيان الصهيوني حيث أسهمت بشكل كبير في ضرب قواعد العدو بشكل مباشر واستطاعت لاسيما في الأيام الأخيرة من ان تدمر العديد من ناقلات الأشخاص ودبابات مريكافا بواسطة صواريخ كورنيت المحدثة والغير قابلة لتصدي والمعالجة ,  فضلا عن الغارات التي نفذت على العديد من المواقع ومنها(كريات شمونة و وموقع العباد العسكري وجل علام وزرعيت وغيرها ) .وبذلك يمكن القول ان الكيان الصهيوني اجبر على ان يناور بكل ثقله العسكري في القاطع الشمالي ( الجليل الأعلى ) من اجل التصدي لمقاتلي حزب الله , هذا التدخل المبرمج والذي جرى بتنسيق عالي مع كتائب الأقصى وحماس قد اربك الكيان الصهيوني مما دفع بالمتحدث بلسان الجيش الصهيوني وفي مؤتمر صفحي يوم 17 ت1 ان يعلن بان خطورة الجبهة الشمالية اكبر بكثير من خطورة جبهة غزة على المستوى العسكري .
  2. الحدود  السورية : هذه الجبهة الضامرة التي تتصور القيادة الصهيونية انها اكثر الجبهات هدوء وامان بعد الحدود الأردنية , الا ان المفاجئة هي ان هنالك العديد من الضربات بالصواريخ قد وجهت من هذه الجبهة  ورغم محدودية تلك الضربات الا انها أجبرت العدو على ان يحشد ما يمكن تحشيده من قوته الاحتياطية على هذه الجبهة  لاسيما وانه يتوقع ان تكون لدى فصائل المقاومة الإسلامية التي تقاتل داعش في الأراضي السورية نوايا بالقيام بعمليات تجاه الجولان وطبريا رغم ان حصول ذلك قد يكون مستبعد كون النظام في سوريا غير قادر على قبول مثل هذه المجازفة .
  3. الحدود الأردنية : رغم انه هذه المنطقة ابتعدت كليا عن استخدام القوة تجاه عمق الكيان الصهيوني الا ان الحشود التي فاجئت النظام الأردني والكيان الصهيوني والتي اندفعت صوب الحدود أحدثت حالة من الهلع والخوف بعد المحاولات التي جرت من المتظاهرين لأسقاط الجدار الفاصل حيث تقع العديد من المستوطنات الصهيونية على الجانب الاخر داخل الأراضي المحتلة وعلى مقربة من الجدار .
  4. الضفة الغربية : تكاد ان تكون ساحة حرب هذه الأيام رغم ان القائمين على السلطة الفلسطينية هناك قد حاولوا جاهدين طمأنت الصهاينة من ان ليس هناك أي تصعيد الا ان الذي يحصل على الأرض من مواجهات مستمرة وعمليات طعن واستهداف لقوات الاحتلال جعلها منطقة هشة جدا امنيا وقد دفع العدو بالعديد من وحداته هناك لغرض السيطرة على الموقف ولكن دون جدوى .
  5. الحدود المصرية : الامر يختلف من حيث القدرة على المواجهة في هذا القاطع فمعبر رفح وهو المتنفس الوحيد لغزة من مصر جعل التصعيد في هذه المنطقة امر صعب للغاية كما ان الفراغ السكاني اثر بشكل كبير على القدرة على تنفيذ ضربات فضلا عن ان تنظيم داعش يتواجد في هذه المنطقة الذي ينائ بنفسه عن أي مواجهة مع الكيان الصهيوني .
  6. الساحل البحري : جرت العديد من المحاولات من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية حيث وجهت غواصات انتحارية تجاه اهداف بحرية صهيونية الا ان هنالك تعتيم كامل على نتائج تلك الضربات .

يضاف الى ذلك فان الأرضي اليمنية شهدت  تصعيد من نوع اخر حيث اطلقت ثلاثة صواريخ يوم 20 ت1تجاه تل ابيب جرى اعتراض احدها من قبل السفن الحربية الامريكية في حين ادعى السعوديين بانهم تمكنوا من اسقاط صاروخ اخر في ذات الوقت سقط الثالث على مركز تل ابيب دون ان تعرف الخسائر الناجمة عنه ذلك  .فضلا عن  ذلك فان هنالك جبهات أخرى فتحت ليس على جيش الكيان الصهيوني بل على القوات الامريكية المتواجدة في الدول العربية ومنها الصواريخ الموجهة الى احد السفن الحربية الامريكية قبالة الساحل اليمني و سلسلة الهجمات بالطائرات المسيرة الانتحارية على قواعد أمريكية في العراق للأيام 17 و18 و19 منها قاعدة حرير في أربيل وقاعدة عين الأسد وقاعدة مطار بغداد الدولي , ورغم ان مثل هذه الهجمات لا تستهدف بشكل مباشر جيش الكيان الصهيوني الا أنها تقدم الدعم المعنوي للفصائل الفلسطينية المشتبكة بالقتال معه لاسيما وان تصريح بايدن الاخير في تل ابيب   قد اثار موجه من الغضب لدى الغالبية العظمى من العرب حينما قال بالحرف الواحد اثناء زيارته لها يوم 17 ت1 ( لو لم تكن هنالك إسرائيل لصنعنا نحن الامريكان إسرائيل أخرى هنا في هذا المكان).

مما تقدم يتضح ان الحرب المفتوحة قد جرى تطبيق كل مبادئها الأساسية تقريبا في مواجهة او معركة طوفان الأقصى اذ نجد ان تعدد الساحات كان من اول المبادئ المطبقة فضلا عن الابتكار غير المسبوق  للوسائل المتبعة في تصعيد الصراع كذلك الاختيار الدقيق لاين ومتى وكيف نقاتل  يضاف الى ذلك فان سمة هذه المواجهة انها لم تخرج من  محددات الحروب الهجينة حيث امتلك العدو كل مقومات القوة الا انه فشل في المواجهة في جميع مراحلها لاسيما المرحلة  الابتدائية منها حين بوغت بشكل كامل بالتوقيت والمكان والأسلوب .

 

.