تجسيد مبادئ الامام علي ( عليه السلام ) في التشريعات الوطنية ( الرعاية الاجتماعية إنموذجاً)

المقالات

تجسيد مبادئ الامام علي (عليه السلام) في التشريعات الوطنية ( الرعاية الاجتماعية إنموذجاً)

 

                                           د . آمال علي الموسوي

                                           د . جمانة جاسم الاسدي


تحتاج التشريعات الوطنية الى اصلاح شامل لمنظومتها القانونية ، وإلى تفحص مستمر لواقعها واوضاعها إلى قراءة في ثراث وفكر الامام علي (ع) بما يعزز ثقة الافراد بتراثه الحضاري والانساني ، وتطبيقه على ارض الواقع ،  ومواجه التحديات المعاصرة.

ذلك الرجل هو رائد الإصلاح والفكر القانوني في تقديم  كل المبادئ والقواعد التي نظمت مختلف فروع ومجالات الحياة، ومنها مبدأ المساواة والتسامح والمواطنة والتعايس والرعاية الاجتماعية ومكافحة الفقر ، فهو صفحة رائعة من الاشراق الإنساني ، تضيف شرفا الى تاريخ الإنسانية ، وفي مجالات القانون وفروعه ، وثروة علمية لا تحد بحدود ، إذ اتسم فكره ومبادئه ومنهجه بالاستقامة والواقعية ، التي كونت لنا رصيداً من الثراء العلمي، فالمبادئ العلوية تعد نظرية متكاملة في العصر الحديث دقة وعدالة ، فهي وثيقة علمية يمكن للفقهاء ورجال القانون الاخذ بها وتطبيقها في الحياة القانونية .

ومن المبادئ العلوية التي عالجت حالات واقعية تظهر بالمجتمع نتيجة حداثة العصر ، هي الرعاية الاجتماعية وحالات الفقر التي تشكل إطارا ينبغي ان تسير عليه القوانين المعاصرة ، فمن المبادئ التي جاء بها هي التأكيد على وحدة الامة والتكافل والتضامن  وترسيخ العدالة الاجتماعية التي ينشدها الإسلام وتوفير فرص العيش الكريم ، كما أكد على دور الدولة الإسلامية في تحقيق الرعاية الاجتماعية والاهتمام بحالات الفقر وتوفير فرص ملائمة للفئات الخاصة التي لا معيل لها ، لتضمن العيش الكريم لتلك الفئات ، فالرعاية الاجتماعية تتضمن معاني كثيرة حيث لا تقتصر على معالجة الفقر ، فلها مظاهر متعددة  منها المعاني الروحية من حب وتعاطف وتعاون وتسامح وعفو ، والامر بالمعروف والنهي عن المنكر .

فالرعاية الاجتماعية لها دور في التماسك الاجتماعي ، وتحقيق العدالة الإنسانية ، ليعيش الانسان بكرامته ، وتدعي وقوفها الى جانب المستضعفين ، فالرعية  هم طبقات لا يصلح بعضها إلا ببعض ، ولا غنى لبعضها عن بعض ، بمعنى ان فساد أي من الطبقات سيؤثر سلبا على الطبقات الأخرى ومن ثم يفقد المجتمع تماسكه وتجانسه .

ومن مبادئه التي دعى اليها انصاف الفقير ، والخروج به من حالة الفقر والعوز إلى حالة الاكتفاء ، فقد حارب الفقر الأمام علي (عليه السلام )  وعدّه العدو الأول للايمان ، والتماسك الاجتماعي في المجتمع المسلم ، ففي هذا الصدد قال الامام علي (ع) " الفقر في الوطن غربة " وقال أيضا : " الفقير في الوطن ممتحن " فنهج الإسلام في الأموال يستهدف تحقيق الرعاية الاجتماعية،

ولتحقيق المبادئ العلوية وفعاليتها في المنظومة القانونية في الدولة العراقية ،لاسيما في الوقت الحاضر ، مع حداثة العصر المتسارع وصعوبة تحقيق متطلبات الحياة  المعيشية ، لابد لنا إصلاح نصوص القانون بتعديلها بما  يتفق مع المبادئ القانونية التي جاء بها الامام علي (ع) رائد الإصلاح والمعرفة  القانونية ،فالسياسية التشريعية في القانون المعاصر يجب أن تتجه نحو إيجاد الحلول المناسبة لمشاكل ومعاناة الافراد في المجتمع ، من حيث تقديم  الرعاية الاجتماعية ، والقضاء على حالات الفقر، لتغيير واقعهم نحو الأفضل، وما كان متحققا من مبادئ واسس في عهد الامام علي (ع)، يمكن تحقيقه في الوقت الحاضر لخلق مجتمع خال من حالات الضعف من الناحية المادية والمعرفية .

والتاكيد والسعي جاهداً على إمكانية تطوير المنظومة القانونية وفقاً للمبادئ الرسل والانبياء ومسايرة المستجدات في الظروف المختلفة ، إذ أن نصوص القانون ما زالت لمْ تعالج العديد من المسائل التي تثار فيها الجدل والنقاش ، فالسلطة التشريعية هي الأساس في النظام السياسي للدولة ، وتمتلك صلاحيات تشريعية ، وتنفيذية ، ورقابية ، وعليها ان تسّن نصوص قانونية  توافق ثوابت الإسلام ورسائل الأنبياء لتحقيق فعالية الرعاية الاجتماعية وغيرها . فالمبادئ القانونية للامام

علي (ع)  وتجسيدها في االمنظومة القانونية ،والتي من خلالها نأمل من المشرع العراقي ان تكون

سياسية التشريع تقوم على أساس الالتزام بالقيم الإسلامية في كافة فروع القانون ، فضلا عن

الالتزام بالقواعد الدستورية العامة التي جاء بها الإسلام ، كما ان الإسلام هو الأساس الأول لكل

قوانينا وتشريعاتنا الحديثة التي تبلورت في اذهان كبار رجال القانون ، واخذت مكانها اللائق بها في

تفكيرهم وفي كتاباتهم ،فضلا عن استلهام الاحكام في المجال السياسي لتنظيم حياتهم السياسية.