رجل القانون الذي لا يقرأ !
رجل القانون الذي لا يقرأ !
الحقوقي عدنان علي ماجد الجبير ، باحث دكتوراه
عندما نسمع بمصطلح منهج البحث القانوني ينصرف ذهننا الى البحث القانوني الذي يقوم به طالب البكلوريوس او الماجستير او الدكتوراه ، ولكن الحقيقة ليست كذلك، إذ ان جميع من يمارسوا مهنة القانون بحاجة الى ممارسة البحث القانوني، فالمحامي عندما يكتب لائحته يستخدم ادوات البحث ، وكذلك القاضي عندما ينظر الدعوى، وكذلك المستشار القانوني عندما يكتب الرأي القانوني وكذلك الطالب عندما يكتب بحثه الى ٱخره من رجال القانون، فالكل يستخدم في سبيل عمله ادوات البحث القانوني ولإستخدام تلك الادوات يجب ان يمر الباحث في ثلاثة مراحل؛ والمرحلة الاولى هي ان يكون لديه مخزون معرفي اذن لا بد للباحث القانوني ان يمتلك مخزون من المعرفة القانونية وهذه المعرفة مختلفة بين رجال القانون، فمنهم من تكون لديه معرفة كبيرة حسب متابعته واطلاعه المستمر ومنهم من يكون لديه قدر قليل من المعرفة، والمهم هنا ان يستطيع الباحث ان يفهم كيفية معالجة الحالة المعروضة امامه او المشكلة التي يراد منه البت بها او الدفاع عنها و تطبيق النص القانوني الدقيق عليها.
فالمرحلة الاولى لرجل القانون هي المخزون المعرفي، أما المرحلة الثانية هي كيفية الحصول على المراجع والمرحلة الثالثة هي الكتابة وسبق ان بينا ان الكتابة تشمل البحث او اللائحة او الاستشارة او اي عمل قانوني مشابه.
والمخزون المعرفي لدى رجل القانون يبدأ من اساسيات القانون إذ لا بد ان يعرف اولا معنى القانون ومن ثم يعرف اساسيات اختصاصه فالمحامي الذي يختص بالدعاوى الجنائية مثلا يفترض ان تكون له المعرفة بأساسيات القانون الجنائي، وطالب الدراسات العليا الذي يختص في القانون الاداري مثلا ملزم بأن يعرف اساسيات القانون الاداري وهذا هو الحد الادني للمعرفة القانونية الذي يجب ان يتوفر لدى رجل القانون و يكتسب بالدراسة و القراءة ويمكن لرجل القانون ان يتوسع في المخزون المعرفي وذلك بكثرة الاطلاع والمتابعة والقراءة .
اما المرحلة الثانية وهي ادوات البحث وهي التشريع والمصادر الفقهية و السوابق القضائية، أذ لا بد للباحث القانوني ان يرجع الى النصوص التشريعية بدءا من الدستور وانتهاءا باللوائح التنظيمية والقرارات الادراية ويجب على الباحث ان يحصل عليها من مصادرها الرسمية اي ان يحصل على نصوص دقيقة و كذلك ان يتابع المعدلة منها والملغية إذ تحصل في بعض الحالات رجوع الباحث القانوني الى نصوص ملغية ظننا منه أنها سارية المفعول، هذا ما يخص التشريع اما المصادر الفقهية فيجب على الباحث ان يرجع الى اهم المصادر الفقيه في اختصاصه من خلال معرفة أهم الفقهاء الذين كتبوا بإختصاصه اضافة الى الرسائل والاطاريح من الجامعات المعترف بها، اضافة الى الابحاث المكتوبة في مجلات رصينة او مواقع الكترونية رسمية، وكذلك عندما يرجع الى السوابق القضائية يعتمد أحدث الآراء القضائية التي خلصت لها المحاكم العليا .
والمرحلة الثالثة مرحلة الكتابة إذ يجب هنا ان تتوفر في الباحث صفات أولها التفاني في البحث والثانية الجد والاجتهاد والثالثة الطموح الشخصي والعلمي ، و ان يختار الموضوع الذي يكتب به بدقة، و في بعض الحالات تكون الموضوعات مفروضة على الباحث كأن يكون محامي وعرضت عليه قضية لموكل دائم لا يستطيع الاعتذار منه او قد يكون طالب دراسات وفرض عليه الاستاذ او القسم موضوع معين اما في حال لو كان الباحث مخير هنا يفترض ان تتوفر في الموضوع عدة صفات اولى هذه الصفات الحداثة والصفة الثانية توفر المصادر المباشرة او غير المباشرة والصفة الثالثة ان يكون الموضوع منتج اي وجود مشكلة فعلية يجب معالجتها في البحث، وبعد توافر كل ما تقدم يبدأ الباحث بالكتابة وفقا للضوابط الشكلية المعمول بها في اختصاصه.
و اخيرا يمكن القول بأن رجل القانون الذي لا يقرأ لا يتوفر لديه مخزون معرفي وغير قادر على استخدام ادوات البحث وغير قادر على الكتابة وبالتالي لا يستطيع الاستمرار في عمله.