مركز وطن الفراتين للدراسات الاستراتيجية
كانت المحكمة الاتحادية العليا قد أصدرت قرارها التفسيري العدد 121/اتحادية/2022 في 15/5/2022 والذي فسرت فيه مصطلح (تصريف الأمور اليومية) الوارد في المادة (64/ثانياً) من الدستور بناء على طلب رئيس الجمهورية، ثم اعلن في وسائل الإعلام عن كتاب لاحق صادر من المحكمة الاتحادية بالعدد 121/اتحادية/2022/909 في 17/5/2022 وجاء فيه الاتي (بناء على ما جاء بكتابكم العدد م.ر.ج 1/3/1048 في 16/5/2022 نوضح بأن قرار هذه المحكمة العدد 121/اتحادية/2022 في 15/5/2022 المتضمن تفسير (عبارة تصريف الأمور اليومية) التي وردت ضمن المادة (64/ثانيا) من دستور جمهورية العراق لعام 2005، وجاء في الكتاب الأخير إضافة جديدة لم تكن في صلب القرار الصادر في 15/5/2022 ومنها توجيه الحكومة بالعمل بموجب قانون الإدارة المالية الاتحادية رقم 6 لسنة 2019 واستثناء الغذاء والدواء والكهرباء والأمن من الحظر الذي قررته على حكومة تصريف الأمور اليومية، وما لاحظناه على هذا الكتاب التوضيحي كما اسمته المحكمة الاتحادية العليا في موقعها الإلكتروني بعض الأمور الفنية المتعلقة بطبيعة الكتاب أعلاه وعلى وفق الاتي:
1. ان الكتاب أعلاه توسم بعنوان (توضيح)، والسؤال هل يجوز للمحكمة الاتحادية العليا ان توضح ما يصدر عنها من أحكام وقرارات تفسيرية، الجواب لابد وان يكون مستند إلى نص قانوني أو دستوري، وعند الرجوع إلى قانون المحكمة الاتحادية العليا الصادر بالأمر التشريعي رقم 30 لسنة 2005 والنظام الداخلي لها رقم (1) لسنة 2005 وكذلك بالنسبة لنصوص الدستورية ، فإننا لا نجد أي نص يمنح المحكمة صلاحية توضيح او تفسير قراراتها التي تصدرها، لان صلاحياتها محددة حصرا بموجب المواد الدستورية والقانونية.
2. عند الرجوع إلى القواعد العامة في المنظومة القانونية العراقية نجد إمكانية الطلب من المحكمة ان توضح الغموض الوارد في الفقرة الحكمية وعلى وفق ما ورد في المادة (10) من قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل التي جاء فيها الاتي (للمنفذ العدل، ان يستوضح من المحكمة التي أصدرت الحكم عما ورد فيه من غموض، واذا اقتضى الأمر صدور قرار منها افهم ذوو العلاقة بمراجعتها دون الأخلال بتنفيذ ما هو واضح من الحكم الواجب التنفيذ)، وهذا الحال هو امر حصري للمنفذ العدل وليس لغيره، ورئيس الجمهورية عندما طلب التوضيح عن القرار 121/اتحادية/2022 لم يكن منفذ عدل، وإنما في الأصل هو طرف في القرار التفسيري، وبذلك لا يجوز إجابته عن الطلب استناداً للمادة (10) تنفيذ ان سعينا لإيجاد السند القانوني لها، فضلاً عن ذلك ان القرار التفسيري ليس فيه الزام لطرف بعينه مثلما يكون في قرارات الأحكام الفاصلة في النزاع.
3. على فرض ان للمحكمة صلاحية توضيح قراراتها التي تصدرها فان التوضيح يجب ان يصدر من عموم هيئة المحكمة وبقرار يصدر بعد تشكيل صحيح وليس بقرار فردي صادر عن رئيسها، لان الكتاب الموجه الى رئيس الجمهورية كان خاليا من أي إشارة إلى ان التوضيح صدر بموجب قرار من هيئة المحكمة، بعد المشاورة والتدقيق.
4. ان التوضيح الوارد في الكتاب أعلاه لم يكن من باب المخاطبات والمراسلات الإدارية بين مؤسستين، وإنما كان يتضمن عبارات تفسيرية لنصوص دستورية لم تكن في القرار الصادر بالعدد 121/اتحادية/2022 ، وهذا يخرج عن نطاق صلاحية رئيسها بادارة مراسلات المحكمة الاتحادية العليا وعلى وفق احكام المادة (
من قانونها رقم 30 لسنة 2005.
ومن خلال ما تقدم فإننا نرى بان المحكمة لا تملك صلاحية تفسير او توضيح أحكامها وقراراتها، لان المنطق القضائي والقانوني يفترض بان الحكم القضائي او القرار التفسيري واجب الاتباع بما ورد فيه ولا يعدل لاحقاً باي تفسير او توضيح، إلا اذا اكتنفه الغموض وهذه حالة وردت حصراً للمنفذ العدل مثلما أشير اليه سلفاً، كما لا يوجد اي نص يمنح رئيس المحكمة الاتحادية العليا صلاحية توضيح قرار تفسيري صادر عنها، وليس له ان يضيف او ينقص من مضمون القرار التفسيري، إلا اذا تم الاتفاق عليه بموجب قرار جديد يصدر عن هيئة المحكمة وبتشكيل وانعقاد صحيح، والنتيجة المستخلصة تتمثل بان كتاب التوضيح الذي صدر عن رئيس المحكمة الاتحادية العليا غير ملزم ولا يمثل تفسيراً جديداً وتبقى الأحكام الواردة في القرار التفسيري العدد 121/اتحادية/2022 في 15/5/2022 هو الأصل ، ولا يعتد بسواه مهما توفرت فيه من عبارات للتوضيح او للتفسير.