الحماية القانونية للأجنة الملقحة خارج الجسم البشري

المقالات

 د . امال علي الموسوي 
الاختصاص / القانون المدني 
 
   اقرت الشرائع السماوية بمجموعة من الحقوق التي يتمتع بها الكائن البشري ومن هذه الحقوق الحق في الحياة وعدم الاعتداء عليه في كافة مراحل حياته حتى وان كان في انابيب  التلقيح ، والبويضة الملقحة ما هي الا مشروع كائن حي وان كانت شخص محتمل  ان مسالة الانتفاع من الاجنة الملقحة ، وهو ما يعرف بالتلقيح الاصطناعي او التلقيح  خارج الجسم البشري من المسائل المستحدثة ، الا ان هذا الوضع أي التلقيح في الانابيب يتمتع بوضع قانوني خاص لتعلقه بالأنساب ، مما اسفر عن ضرورة توفير حماية قانونية لضمان عدم المساس بها والاعتداء عليها او حتى التصرف بها لتعلق تلك  المسألة باختلاط  الانساب ، لذا تحتاج الى احكام خاصة وواضحة كي لا يطالها الاعتداء فضلا عن  تحقيق المنفعة والمصلحة المبتغاة ولا سيما في مرحلة وجود الاجنحة في أنبوب الاختبار ، وذلك بتوفير حماية قانونية عن طريق إضافة نصوص قانونية  بحكام خاصة ،  او تشريع  قانون خاص يتولى تنظيم تلك المسألة .
   وعليه تعرف اجنه التلقيح خارج الحسم البشري بانها مشروع الكائن البشري المتحصل من تلقيح الحيمن الذكري بالبويضة الانثوية خارجيا  داخل أنبوب الاختبار وفي ظروف معينة تمهيدا لزرعه في رحم المرأة ، وعليه فان هذه الاجنة تعد ودائع تابعة لأصحابها ( الزوجين)  لحين الزرع او تقرير مصيرها بالتلف او غيره ، كما انها مشروع لكيان بشري لابد من التمتع بالحماية القانونية التي يقررها الشرع والقانون للجنين الاعتيادي .
   ويرى البعض ان اجنة التلقيح الصناعي تعد كيانا بشريا ، مستندين في ذلك الى ان هذه الاجنة تتمتع بحق الحماية منذ وقت الاخصاب ما يحتم القول بوجوب زرعها لأنها حية من الناحية البيولوجية لاحتوائها على خلايا حيه ومكونات جينية ، كما لها القابلية المستمرة في التطور ، لذلك لا يجوز استخدام أي أسلوب يؤدي الى اجهاض الاجنة المخصبة لان ذلك يعد قتلا لأنسان كامل متمتع بحياة إنسانية كاملة .
    فهي اذن جنينا بمعنى الكلمة وتتمتع بالحماية الشرعية والقانونية حتى وان كانت خارج الرحم في مرحلة التكوين ، وعلية يتبادر السؤال حول التصرفات القائمة على بيع وهبة هذه الاجنة وهل  من قبيل الأعضاء البشرية ، وللإجابة عن ذلك يمكن القول بانه مع التقدم الحاصل في نطاق الطب فأصبح العضو لا يقتصر على القلب والكبد والرئة والأعضاء التناسلية فقط بل تعداه ليشمل أيضا الدم ، والمني ، وقرنية العين ، والجين ، او أجزاء من العضو مثل الجينات والهرمونات التناسلية من قبل الأعضاء البشرية ، لذا يعد الحيمن والبويضة من قبيل الأعضاء البشرية ، وبالرجوع الى احكام القانون المتعلق بعمليات زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها رقم (11) لسنة 2016 المعدل والذي جاء فيه منع نقل أي عضو او نسيج بشري من جسم انسان حي لآخر يؤدي الى اختلاط الانساب ، وحسنا فعل المشرع  في هذا المنع  فعدم الجواز بالتعامل بالأعضاء التناسلية تبرعا استثناءً للحفاظ على الانساب ومنع الاختلاط بينها ، ويمكن القول ان المشرع  اوجد الحماية القانونية لأجنة الاخصاب خارج الجسم البشري .
  ويبقى لدينا السؤال التالي في حالة عدم نجاح عملية الزرع ولربما لا يكتب لها  الحياة  فقد تكون عرضه لخطر من خلال جعلها محلا للتجارب العلمية عليها سواء تم الامر بقبول ذوي العلاقة ( الزوجين ) ام بدون قبولهم او علمهم او رضاهم . 
   ويمكن الإجابة على هذا السؤال من خلال معرفة  مغزى هذه التجارب هل هي علاجية ام  غير العلاجية - استكشافية ، والتي يراد منها اثبات صحة نظرية علمية معينة او أي اعمال قانونية فنية وعلمية يباشرها الطبيب على جسم المريض لغرض اكتساب معارف جديدة ، فاذا كانت لأغراض التجارب العلمية لا يجوز التصرف بها تلافيا لاختلاط الانساب ، اما اذا لأغراض علاجية التي يباشرها الطبيب بقصد علاج مريض باستخدام وسائل حديثة في الحالات المرضية التي تفتقد الى دواء معروف كفيل بتحقيق الشفاء ومن ثم تسجيل النتائج بعد الاختبار ففي هذه الحالة يجوز استخدام تلك الاجنة .
   ويلاحظ ان البداية الحقيقة هي تكوين الجينات الموجودة في البيضة الملقحة واستمرار نموها يؤدي الى تكوين الانسان ، ولابد من التأكيد على ان الحماية القانونية  لم تكن كافية التي تقرها القواعد العامة التي اقتصرت فقط على تقرير الحماية القانونية للجسم البشري من بعض التصرفات التي تمس حياته وسلامة جسمه ، ولم تحظ المنتجات الجسمانية ( البيضة الملقحة ) بنظام قانوني يحكم تلك الممارسات الطبية التي تخالف الشرع ، ونرى بضرورة التشدد في مسؤولية المخطئ اهمالا أو تعمدا للقائم بتلك العملية ، كما يكن تحميل مسؤولية المركز القائم على عمليات الاخصاب الصناعي في حالة الإهمال والخطأ المتعمد وذلك بعقوبة الطبيب المسؤول عن العملية بشكل خاص وتوجيه عقوبة للمركز بشكل عام من خلال سحب الإجازة منه وفقا لما نص عليه القانون في هذا الصدد . 
   كما نأمل من المشرع العراقي ان يوفر حماية قانونية فعلية للاجنة منذ لحظة التخصيب وهي داخل الانابيب، كما له ان يضيف نصوص قانونية الى قانون تنظيم زرع الأعضاء البشرية ومنع الاتجار بها العراقي رقم (11) لسنة 2016 المعدل تتعلق بتنظيم عقود الانابيب وحمايتها من أي اعتداء ،  او تشريع  قانون التخصيب والاجنة الملقحة .