"ضرورة إعادة النظر في القوانين"
ضرورة إعادة النظر في القوانين
د. حيدر داخل جيجان
تبرز أهمية القانون والنظام كونه يمثل استجابة لمتطلبات المجتمع في مختلف المجالات الاجتماعيةوالسياسية والاقتصادية والفكرية، وبالتالي لابد أن تواكب هذه القوانين حركة المجتمع وتطوره ، ويتمتغييرها كلما استجدت أمور المجتمع.
فالإنسان منذ بداية خليقته الى يومنا هذا الى يميل الى الاجتماع مع أبناء جنسه ، ويبتعد عن العيشلوحده ، وهذا ما فسرته نظريات علم الاجتماع التي اكدت على ان الانسان اجتماعي بطبعه، أو دعتهالحاجة الى الاجتماع مع أبناء جنسه فإن مؤدى كلا النظريتين واحد ، وهو ظهور الجماعة الإنسانية ، إلاأن هذه الجماعة قد تعاني من بعض المشاكل، فالإنسان فيه قوى الخير والشر ، وفيه صفات الخيركالصدق والأمانة ، كما فيه صفات الشر كالكذب والخيانة ، وبالتالي قد تسبب هذه القوى الأخيرة ظهورافراد يعكرون صفو عيش الجماعة، ويتعدون على حقوق الاخرين ، وهنا تبرز أهمية وضع القانونالمناسب لتنظيم حياة الجماعة ،فإن النظام ركن أساس لوجود جماعة مستقرة ، ولا يمكن ان نجدجماعة مستقرة دون نظام ،فهو من يضبط حركة الافراد وينظم علاقتهم ببعضهم ،وهنا تبرز أهميةالقانون او النظام فوجوده يمنع تعدي البعض على الاخر وينظم علاقة الافراد بالسلطة والإدارة الحاكمة ،وقد ظهرت عدة نظريات لتفسير علاقة الافراد بالسلطة وطريقة تنظيمها وعلى رأسها نظرية العقدالاجتماعي لجون لوك وجان جاك روسو.
وان هذه القوانيين لا بد ان تكون نابعة من صميم الأعراف والعادات والتقاليد واحتياجات المجتمع التيتنسجم مع العقل والفطرة الإنسانية السليمة، فالقانون جاء لخدمة الافراد وتنظيم حياتهم ، والوصولبها الى حالة الاستقرار ، فلا يوجد مجتمع مثالي كي تنتفي الحاجة للقانون فعالمنا مليء بالمشاكل ،فوجود القوانين ضرورة يحتمها العقل ويفرضها الواقع للحافظ على حالة التوازن ما بين حقوق الافرادوحرياتهم ، والحفاظ على النظام العام والمصالح العليا للبلاد ، وحفظ حقوق الافراد بما ينسجم معحفظ النظام العام للدولة ،وبما يرتقي بحياة الشعوب وان لا تتسبب هذه القوانين في تراجع الدولةوشعبها، وظهور الصراعات والنزاعات او تتسبب تطبيقاتها بذلك ، وفي حال ظهر الخلل في القوانين اوفي عملية تطبيقها فإن ذلكيستدعي إعادة النظر فيها، وإعادة رسم المنظومة القانونية بما يحقق مصالحالافراد والجماعة والدولة، فهناك الكثير من القوانين القديمة في بلداننا بحاجة الى المراجعة لقدمهاوعدم ملائمتها للواقع الراهن ،كونها وضعت لفترة زمنية معينة ولتغير أوضاع الحياة وظهور مستجداتخصوصاً في ظل التطور الحاصل في مجال التقنية والاعلام ومتطلبات عصر العولمة.
وهذا الامر يسري على القوانين الدولية ،وليس المحلية فقط ففي ظل الحروب والأزمات والمشاكل التييعاني منها العالم ،خصوصا خلال السنوات الأخيرة وما شهدناه من حروب وتعدي بعض الدول على الدول الأخرى ، وما رافقها من انتهاكات لحقوق الانسان بالرغم من التقدم العلمي الذي نشهده في شتىالمجالات ، ونحن في القرن الواحد والعشرين الا أن الانسان انتهكت حقوقه، وصار كسلعة للتداولتحدد قيمتها وفقاً لاعتبارات معينة ، لا علاقة لها بقيمته كانسان فهذه الانتهاكات تحتم على الجميعلاسيما أصحاب القرار إعادة النظر في هكذا قوانين ومراجعة تطبيقها ، وإعادة تقييم المؤسساتالمسؤولة عن تطبيق هذه القوانين خصوصا القوانين المنظمة لعمل بعض المنظمات المختصة فيمجال حقوق الانسان ،وبالأخص أجهزة الأمم المتحدة فإن تطبيق بعض القوانين من قبل المنظماتالدولية اثبت فشله ، وجعل العالم يعيش شريعة الغاب التي نرى اثارها واضحة الشرق الأوسط ، ومايجري في غزة خير دليل على ذلك ، بالإضافة لما يجري في اليمن وسوريا ولبنان وأوكرانيا وكذلك مايجري في دول افريقيا كل هذا يستدعي إعادة النظر في القوانين والمؤسسات المسؤولية عن حمايةالانسان وحفظ حقوقه ليعيش بسلام بعيداً عن الحروب والأزمات.