الاحتلال له وجه واحد
الاحتلال له وجه واحد
الدكتور حيدر داخل جيجان
حين نتصفح أوراق التاريخ نجد أحداثاً ووقائع تتكرر لكن بوجوه جديدة ومسميات مختلفة ، إن القارئ الكريم على اطلاع لما تعرض له العراق من إحتلالات متكررة إختلفت مسمياتها لكن مضمونها كان واحد ، فالاحتلال لا يريد خير لاهل البلاد ولا يهمه مصير أبنائها بقدر ما يهمه تحقيق مصالحه ، وخلال تصفحي لاخبار غزة وما يقوم به الاحتلال الصهيوني تبادر الى ذهني أحداثاً جرت في العراق وتحديداً في مدينة النجف الاشرف حيث كان الاحتلال البريطاني في العام 1917 يحتل المدينة ونتيجة لتدنيسه هذه المدينة المقدسة لدى المسلمين رفض أهلها ما تقوم به قوات الاحتلال فانطلقت حركة سيمت بثورة النجف والتي قادها رجل بسيط اسمه الحاج نجم البقال والذي كان يعمل بقالاً الا ان حميته ابت الا ان يقاوم المحتل فقاد هجوماً على معسكر الإنكليز أسفر عن مقتل الضابط البريطاني ( المارشال) وعلى اثره فرضت قوات الاحتلال حصاراً قاسياً على أهالي النجف استمر لمدة (35) يوماً منعت حتى الماء ان يصل لاهالي المدينة فضلاً عن المواد الغذائية والعلاج وغيرها الحاجات الضرورية من الدخول الامر الذي تسبب بمجاعة وانتشرت الامراض وتوفي على اثرها بعض الأهالي وكان حجة الإنكليز بفرض الحصار ان الجناة موجودين داخل المدينة مطالبين الأهالي بتسليمهم الا ان الأهالي لم يتسجيبوا لهم فقامت قوات الاحتلال باقتحام المدينة واعتقلت بعض الأهالي واعدمت بعضهم ، وبالعودة الى ما يجري في غزة فإن ما تقوم به قوات الاحتلال في غزة يشبه الى حد بعيد ما جرى في النجف قبل أكثر من قرن غير أن ما يجري في غزة أشنع فقد أوشك الحصار أن يدخل شهره الخامس بالإضافة الى قطع الماء والمواد الغذائية بالإضافة الى القصف العنيف لمناطق غزة والذي أسفر عن الاف الشهداء والاف الجرحى الذين هم بأمس الحاجة الى العلاج الذي هو شبه معدوم نتيجة الحصار المفروض على غزة، إن ما يجري في غزة يمثل اسوء مأساة تشهدها البشرية في عصرها الحاضر وسط صمت الأنظمة السياسية والمنظمات الدولية والتي ان نطق بعضها لا أحد يسمعها في ظل الدعم اللامتناهي من الأنظمة الغربية لما يقوم به الاحتلال في غزة ، ان الاحداث الجارية تحتم على شعوب العالم لاسيما التي ترفع شعار حقوق الانسان ان تضغط على أنظمتها السياسية لإعادة النظر بسياستها وان تطالبها بإعادة بناء النظام الدولي وفق رؤية جديدة تحفظ كرامة الانسان وحقوقه . وعلى الاعلام وخصوصاً الغربي أن ينقل صورة واقعية عما يجري وبوضوح ويطلع جمهوره على حجم الاعمال الاجرامية التي يقوم بها الاحتلال وان لا يبرزه بصورة المدافع والذي يدافع عن نفسه ، فالاحتلال أينما حل في أي بلد له وجه واحد هو الظلم والاضطهاد وان اختلفت الازمان فما يجري الان عينه ما جرى في النجف وهو ذاته ما جرى لشعوب اوربا في الحرب العالمية الثانية حين احتلتها قوات هتلر ، فقد ان الأوان ان يقدس الانسان وتحفظ كرامته فلا بد من المراجعة للقيم الإنسانية والقوانين الدولية بعد ما جرى في غزة لينتصر الانسان وتحفظ حقوقه.